أخبار وتقارير

عدن في عيد الحب : كيف عبرت عن نفسها ؟

السبت - 15 فبراير 2020 - الساعة 04:53 ص بتوقيت اليمن ،،،

عادل حمران : البعد الرابع


عدن مدينة السلام و ثغر الوطن الباسم، حاضنة الجميع وأم المساكين، تحتفل مثل بقية دول العالم بعيد الحب، تشعر بالحب رغم كل اوجاع الحياة، وقسوة الواقع، وضنك العيش في وطن اجتمعت عليه ثلاثي الموت الفقر والموت والحرب، إلا ان ذلك لم يمنع الناس كم الاحتفال بمناسبة سنوية كهذه.

عدن التي استوطنت فيها كل اشكال العيش المر تبتهج بكل مناسبة ، واهاليها من مختلف اطيافهم يعبرون عن مشاعرهم و يصرخون بملء اصواتهم المبحوبه بالحب، محاولين صناعة شبه لحظات سعيدة افراح يخطفون بها انفسهم بعيداً عن وجع الحروب وآلم السياسية .
بتهج الجميع في عدن في الرابع من يناير تزامناً مع افتتاح الاسواق و المطاعم و شاركوا في حفلات الافتتاح رغم انهم بدون رواتب والكثير حضروا ولا يملكون شيء في حقائبهم فقط ليشاركوا عدن ابتهاجها ويفرحون وهم يشعرون بلا توقعات محبطه بإن مدينتهم ماتزال بخير رغم كل الوجع ، متفائلين بعجلة التنمية والحياة التي ماتزال تدب فيها في كل حين .

صراع لأجل البقاء

قبل عدة ايّام تم افتتاح مول تجاري كبير اسمه " نايتي مول " وعلى مسافة قصيرة منه يقع خط (عدن - تعز ) الشارع الذي ما زالت اثاره شاهدة على عبث مليشيات الحوثي بوجه عدن المشرق حيث تعرضت البنية التحتية للمدينة الى خراب شبه كلي، إلا ان السكان لم يستسلمون وقاموا من تحت ركام الحرب مجددا يبحثون عن حياة جديدة مليئة بالسلام و الهدوء ورغم انهم لم يجدوا ما حلموا به لكنهم لم يستسلموا لكل أشكال العنف و الصراعات التي وجدت عبثا في حياتهم.
وعلى الرغم من ضبابية المشهد السياسي إلا اهالي هذه المدينة المسالمة يعيشون حياتهم غير ابهين بشيء، فقد تكبدوا ايّام سوداء و حياة صعبة طيلة الخمس السنوات الماضية، معبدة بالأزمات ولا يحصلون عن ابسط حقوقهم الا عبر طوابير طويلة مثل : الغاز و الروتي و المشتقات النفطية وحتى الرواتب التي بات الموظفون يتقاضون مرة كل شهرين أو ثلاثة حتى تجلدوا على الواقع المرير الذي وجدوا أنفسهم فيه
الدكتور وليد الفقيه في تصريحه لـ " البعد الرابع " اكد بقوله : " لا غرابة ان يحدث كل هذا في عدن وتجد الناس صامدين وقلوبهم مازالت تنبض للحب و الحياة فتاريخ المدينة زاخر وعدن كانت قبلة العشاق ومدينة الحب و الحياة والنَّاس تفرح باي سبب يتيح لهم فرصة للابتهاج و السرور .
ويقول ايضاً الدكتور الفقية : الجيل القادم الجيل الحاضر يستعيدون ايّام الزمن الجميل ويتذكرون عهدهم الذي يختلف عن أيامنا الغبراء، وجيلنا نحن الشباب يشارك هروبا من الواقع المر باحثين عن واقع افضل ولو لساعات قليلة فقد تعبت الناس من الحروب و الصراعات ويبحثون عن حياة تقيهم كل هذا العبث "٠

واضاف :" الناس في عدن متعطشين للفرح و السعادة و المناسبات السعيدة، رغم الفقر و الغلاء الا ان الكثير من الأسر تذهب للمشاركة في افتتاح الاسواق وفِي الحفلات بمجرد امتلاكهم اجرة المواصلات فقط"٠ واسترسل " الناس في عدن بسطاء فقط يحتاجون الى من يفهم مزاجهم و يحقق تطلعاتهم، وخصوصا واننا وللاسف الشديد عايشين على البركة إلا ان عدن واهلها اثبتوا بانهم اهل الحب و السلام "٠
عيد الحب في عدن :
ابتهجت عدن مثل كل بقاع الدنيا بعيد الحب، حيث ازدحمت الشوارع و المولات و الشواطئ و المنتجعات السياحية، فعدن مول و نايتي مول و منتجع خليج الفيل السياحي و منتجع نشوان امتلئت بكثرة الوفود الذين قدموا من كل مديريات العاصمة عدن، معبرين عن ابتهاجهم و سعادتهم بعيد الحب العيد الذي يبتهجون فيه ولا يعرفون عنه شيء، فقط يرونه يوما مناسبا لارتداء الملابس الحمراء و تبادل الهدايا بين العاشقين معبرين عن الحب في وطن لم يعد للحب فيه مكان .
فمثل ما دمرت الكثير من المباني التي ترمز للحياة والحب في عدن جراء الحرب ، شيدها العدنيون بعزيمتهم القوية ، في محاولة لتعود مدينتهم إلى سابق عهدها الزاخر بالحب والتعايش.
الحب في شوارع عدن يختزل الشوق الكبير بالنسبة للعدنيون في عناق اللحظات الجميلة والسعيدة التي ذابت بفعل السنوات المريرة التي عاشتها عقب عقدين من التهميش والاقصاء وما ركمته بعدها من اشهر قضتها في عتمه الحرب المدمرة ، وهي مع ذلك وبرغم كل شي ، ما تزال تعبر عن نفسها بالحب والحياة رغم كل مظاهر الموت .

اهالي عدن وبرغم كل اوجاعهم سارعوا للتعبير عن حب مدينتهم بهذه المناسبة باحتاد جماهيري حضنته ساحة كورنيش الشهيد جعفر محمد سعد ، الشهيد الذي لطالما تمنى ان تشهد عددن نهظة اقتصاديةومعمارية وهو ما يزال على قيد الحياة ، غير ان دعاة الموت والإرهاب اختطفت روحه قبل ان يشهد هذا اليوم ، ومع ذلك لم يتراجعون العدنيون لحظة ولَم يتأخرون عن بقية دول العالم بل سابقوا الناس للابتهاج بعيد الحب معبرين عن حبهم للحياة و السلام رغم ان اللون الاحمر لون حياتهم وعكر كل طقوس حياتهم ولونها بلون الدم و القتل و الدمار.
منى اليافعي ناشطة شابة قالت صرحت لـ " البعد الرابع :الناس تعبوا من الأزمات الكثيرة التي مرت بها عدن وخصوصا خلال الخمس السنوات الماضية، ربما كانت سنين صعبة وأيام قاسية، وبحسب اليافعي فقد شهدت عدن القتل و الحروب و الصراعات السياسية، حتى أصبحنا المجتمع بحسب اليافعي يبحثون عن ابسط حقوقهم في العيش الكريم .
ومع كل هذا فقد شكلت مثل هذه المناسبات بحسب منى اليافعي مناسبة سارة للسعادة والابتهاج في طريق البحث عن السعادة ونسيان الاوجاع والاحزان .
واضافت :" قد لا تصدق بان اهلي كانوا ضد حضور مثل كذا مهرجانات وفعاليات والان مجرد ان يعرفوا بان هناك مهرجان او حفل او أي شيء الكل يفرح و نروح جميعا نشارك، اقل حاجة نغير جو لان الواقع المحيط بهذا الوطن بائس و المشهد ضبابي و الأخبار تشيب الرأس ما تعرف تصدق من و تكذب من الإعلام وللاسف اصبح يكذب دون حسيب او رقيب؛ الناس تعبت وكل عام اصعب من الي قبل وكلما تخارجنا من أزمة نتفاجئ بأزمات اكبر من الي قبل !"٠

واختتمت حديثها : " ربما لأول مرة تصل الى هذا الحد من المآسي والأوجاع، بات الناس يهمون بقوا يومهم و يحلمون فقط بلقمة العيش، السياسيون افسدوا البلد، واجبروا الجميع على العيش في واقعهم المرير فتجد الكل سياسي في البيت و الشارع و الباص وكل مكان الناس تتابع كل شيء بقلق وخوف عدن لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الصعوبات والمأسي ولهذا الناس تفرح باي مهرجان او حفل او فعالية تنتشلهم من واقعهم و تعيدهم إلى زمن عدن الجميل ايّام محمد سعد واحمد قاسم وغيرهم !"٠

وفي المحصلة وبعد كل هذا ما تزال عدن تقاوم الموت بنشر الحياة ، وشبانها يبذلون الكثير من الجهد في تنظيم الكثير من الفعاليات الشعبية ، التي تعبر عن رغبة جامحة ورغبة مجتمعية في مقاومة كل اشكال الحرب والموت ، بفعاليات رمزية تعيد لعدن جزءً من وجودها وحياتها التي سلبت جراء الصراع على جغرافيتها وسواحلها الاستراتيجية .