أخبار وتقارير

رغم مشاكل الوطن وأوجاعه.. حالمين ترسم لوحة مشرقة عنوانها التكاتف و العمل

الأربعاء - 15 يناير 2020 - الساعة 07:35 م بتوقيت اليمن ،،،

البعد الرابع / تقرير عادل حمران

حالمين إحدى مديريات محافظة لحج، تتميز بكثافة بشرية، وتتربع جبالاً صلبة وسلاسل جبلية مترابطة، تتناثر قراها على قممها وسفوحها.. تفتقر هذه المديرية إلى الكثير من المشاريع المهمة والضرورية لتيسير حياة المواطنين، حيث يتذكر الناس آخر وجود للدولة عام 1998م حين قدِم رئيس الوزراء، آنذاك، عبد الكريم الإرياني، ووضع حجر الأساس لمشروع الطريق الذي يربط بين قرى "خلقه الرباط الغرب العمري النسري بلاد القادري الفرع شأفان لشراف وادي الحرف درات أسفل وادي حالمين رشده ماره أسفل ماره والظلم وقرية لحكه".

استبشر الناس حينها خيراً وشعروا بأن معاناة سنين ستنجزها الحكومة خلال أشهر، ولكن أحلامهم سرعان ما تبخرت وتم وأدها قبل أن ترى النور فلم ينجز من المشروع سوى مسافة قليلة حتى تعثر، بذل أبناء حالمين جهوداً حثيثة من أجل استمرار العمل فيه، إلا أن العوائق كانت أكبر.

للوصول إلى مركز مديرية حالمين يحتاج المواطنون من قرى العمري والنسري والرباط عبر حبيل جبر قرابة أربع ساعات، لكن حاجات الناس ولدت الكثير من العزيمة والإصرار لمواصلة حياتهم اليومية، وتعايشوا مع المعاناة والظروف القاسية سنين طويلة.

معاناة وإبداع

لم يظل الناس حبيسي المعاناة وأسرى للطبيعة القاسية، بل حاولوا قهر كل الظروف وتحقيق إنجازات كبيرة في مشروع عجزت الدولة عقدين من الزمان مواصلة إنجازه.

يقول مسؤول اللجنة الأهلية عبدالرؤوف النسري لـ“مدى برس“: "نتذكر تدشين حجر أساس مشروع طريق جبل حالمين في العام 1998م من قبل رئيس الوزراء حينها عبد الكريم الإرياني، استبشرنا آنذاك بانطلاق العمل إلا أن المشروع تعثر، وظَل المشروع حلماً يراود الجميع في حين لم نكن نمتلك الإمكانيات ولا الآليات المطلوبة للعمل.

ويضف "المعاناة ولدت روح العمل عند الناس، حيث بدأوا بالعمل وبشكل مبادرات تطوعية من أجل إكمال العملية وشق طريق الجبل. المغتربون أيضا كان لهم دور كبير ساهموا بكل قوة وتبرعوا بملايين، حيث شكلوا لجنة برئاسة رجل الخير الشيخ نبيل عبيد حسن، وعملنا حملة تبرعات داخل الوطن وخارجه كل قدر استطاعته، وكان تفاعل الناس إيجابيا بشكل رائع، والدعم حينها فاق توقعاتنا، ورغم ظروف الناس الصعبة إلا أنهم تفاعلوا وقدموا الكثير من أجل نجاح العمل"٠

ويتابع النسيري حديثه: "في نوفمبر 2014م بدأنا العمل بالتعاقد مع مقاول بشق الطريق بمبلغ عشرة ملايين لكل كيلو متر، أنجز ثلاثة كيلومترات كمرحلة أولى، وبعد أن غادر المقاول وسلم المشروع، تم التعاقد مع بوكلين بالأجر اليومي وسط آليات مبادرات تطوعية شارك فيها الجميع، استمر العمل قرابة أربعة أشهر متواصلة، وعند إعلان الحرب الحوثية على الجنوب توقفنا في شهر مارس من العام 2015م، لمدة خمسة أشهر ثم عدنا مجدداً بعد أن انتصرت عدن عسكرياً لنكمل انتصاراتنا الخدماتية".

ويؤكد أن الجميع عاود العمل بمعنويات عالية وعزيمة قوية وتم طرح مقترح بأن نشتري بوكلين خاصاً بأبناء حالمين ويتم العمل فيه وشق الطريق وإصلاحها بدلاً من دفع ملايين في إيجار معدات وآلات المقاول وجدت الفكرة قبولا واسعا وتم شراء بوكلين بكلفة إجمالية بلغت أكثر من 300 ألف ريال سعودي، فيما بلغت تكلفة مشروع شق الطريق أكثر من 70 مليون ريال تم جمعها من الأهالي ورجال الخير.

يروي الأهالي بعضا من معاناتهم، حيث كانوا ينقلون المرضى وكبار السن من بعض القرى التي لا تصل إليها السيارات على ألواح خشبية تشبه النعش.

وعود إيجابية

وتحدث لـ"مدى برس" مدير عام مطار عدن، عبد الرقيب العمري، وهو أحد وجاهات المنطقة، يقول: عانى المواطنون سنين طويلة في سلسة من الجبال الصلبة وخصوصاً المرضى والعاجزين، موضحاً بأنه "حاول تحريك ملف المشروع مع الجهات ذات الاختصاص ووجد تجاوبا إيجابيا من قبل عدد من الجهات بينها وزارة الأشغال العامة والطرق وصندوق الأشغال العامة، وتم إنزالهم إلى منطقة حالمين لكي يتعرفوا عن المنطقة ومعاناة الناس فيها، والكثافة السكانية التي ازدادت بشكل ملحوظ، والموافقة على إنزال فرق هندسية لمسح وإعداد دراسة كاملة للمشروع ورفعها إلى جهات الاختصاص".

ويؤكد العمري، أن طريق جبل حالمين حصل على الأولوية، وتمت الموافقة عليه من ضمن ستة مشاريع على مستوى الجمهورية، وفِي الأيام القادمة ستنزل الفرق الهندسية ومن ثم سيتم البدء في العمل، وحث الجميع على المحافظة على روح التعاون والعمل وتذليل كافة الصعوبات أمام الفرق الفنية والهندسية والعاملين والمساهمة الفاعلة في إنجاز المشروع الذي بات حلماً أمام الجميع.

ويقول وكيل وزارة الأشغال العامة المهندس وليد ردمان، الذي زار منطقة حالمين في تصريح لـ"مدى برس": "الزيارة للمنطقة تأتي تلبية لطلب المواطنين من أجل التعرف على معاناتهم ولنرى مدى وعورة الطريق وأيضاً الكثافة السكانية في المنطقة. وللأمانة تفاجأنا بالكثافة السكانية".

ويضيف: "أكثر ما شدنا في هذه المنطقة التكاتف الاجتماعي في المنطقة وقيام المواطنين بالعمل بروح الفريق الواحد وتنفيذ مشاريع كبيرة منها: شق الطرق، وإنشاء مبادرات مجتمعية، وشراء بوكلين، وكان لهم دور كبير في فتح الطرقات وشق الجبال الصلبة، شكرناهم على إنجازاتهم العظيمة التي تستحق كل الشكر والتقدير، ووعدناهم بأننا سنبذل كل الجهد لنكمل ما بدأوه.. وإن شاء الله سننزل المشروع وسوف نوصل الإسفلت إلى كل مناطق حالمين".

وطمأن المهندس ردمان أهالي حالمين بأن مشروع شق طرق جبل حالمين من ضمن ستة مشاريع في الجمهورية سوف يتم البدء فيها خلال هذا العام، مؤكداً بأنه بعد الزيارة أصبح أكثر إصراراً على إنجاز العمل بسبب الكثافة السكانية وتعاون الناس.


*نقلا عن موقع مدى برس