أخبار وتقارير

تعز تخلط أوراق الإخوان وتجبرهم على الاختباء خلف الأحزاب

الثلاثاء - 16 أبريل 2019 - الساعة 01:00 ص بتوقيت اليمن ،،،

البعد الرابع - متابعات


بعد مخاض عسير لثلاث سنوات ، شهدت مدينة سيئون في حضرموت إشهار تحالف الأحزاب السياسية المساندة للشرعية في اليمن.

هذا المخاض العسير جاء بسبب المماطلة والمناورة من قبل حزب الاصلاح بهدف عرقلة اشهار التحالف ووأده لما يمثله من خطر على مصالح الحزب.

التحالف السياسي الذي هندسه التنظيم الناصري بالشراكة مع الحزب الاشراكي منذ عام 2016م ، لاقى قبولا من مختلف الاحزاب السياسية المؤيدة للشرعية بما فيها الاصلاح الذي اعلن موافقته المبدئية قبل ان يدخل في سياسية التسويف والمماطلة والنقاش المطول حوله في لقاءات عقدت في القاهرة والرياض.

كل هذا كان تهرباً من الاستحقاقات المُلزمة التي يفرضها اتفاق المبادئ الذي يقوم عليه هذا التحالف، ومنها تحييد المؤسسات الأمنية والعسكرية من السيطرة الحزبية، ورفض التشكيلات المُسلحة خارج منظومة الدولة، والتأكيد على الشرعية التوافقية في اتخاذ القرارات والتعيينات الهامة، وتحييد المؤسسات الحكومية والوظيفة العامة، وغيرها من المبادئ النظرية التي تؤسس لعودة مؤسسات الدولة الشرعية في اليمن.

هذه الخطوات الاصلاحية التي ينص عليها البرنامج التنفيذي للتحالف تعني بشكل غير مباشر القضاء على نفوذ الحزب وتسلطه واستغلاله للشرعية.

وهو ما يدفع بالتساؤل عن الأسباب التي اجبرت حزب الاصلاح على الموافقة أخيرا على اشهار التحالف ، ويمكن استنتاجها من التغييرات على المشهد السياسي الذي كانت لها تأثير سلبية على الاصلاح.

هذه التغييرات كما يراها المراقبون تمثلت بالزلزال السياسي الذي هز جماعة الاخوان ( الاصلاح ) في مدينة تعز وانهيار وهم سيطرته السياسية عليها.

رهان الاصلاح على تعز كان يعود الى كونها باتت الورقة الوحيدة الممكنة له امتلاكها ، بعد فقدانه تقريبا للجنوب الذي يشكل غالبية المناطق المحررة و في حين يبقى الشمال تحت قبضة الحوثيين ،باتت مهمة تحرير عدد من جبهاته المهمة بيد قوى أخرى.

فالحديدة كمعركة هامة يتولاه الوية العمالقة الجنوبية وقوات طارق التي تسلمت مؤخرا جبهة الضالع بعد الانهيار الكبير لجبهات الشرعية هناك والتي يسطير عليها الاصلاح.
لذا كان الاصلاح يرى في تعز المعقل والحصن المنيع له ولترسانته العسكرية الضخمة في المحافظة التي تُعرف بكونها عاصمة الثقافة اليمني.

حيث يُعتقد أن تمكن حزب الإصلاح من إحكام قبضته على المؤسستين الأمنية والعسكرية والمؤسسات الحكومية إضافة إلى التأثير الواسع لإمبراطوريته الإعلامية الضخمة، والمدعومة خارجياً، كفيلة بجعل "تعز" عاصمةً مغلقة له ولمشروع.

لذا كان يتحين الحزب من وقت لآخر أي فرصة لتصفية تواجد خصومه السياسين في تعز وعلى رأسهم أبوالعباس واللواء 35 مدرع ، لذا مثل قرار محافظ تعز، نبيل شمسان، بتشكيل حملة أمنية لملاحقة المطلوبين أمنياً، وتكليف قيادات ألوية الجيش وقوات الأمن التابعة للإخوان بتنفيذها، فرصة ذهبية له تصفية تواجد كتائب ابوالعباس التابعة للواء 35 مدرع.

لكن ما حدث كان العكس ، فقد مثلت هذه الحملة الشرارة الأولى التي اشعلت بالتدريج حراك جماهيري وسياسي غير مسبوق مناوئا لسياسات حزب الإصلاح.

وكانت المفاجأة التي لم يحسب "الإصلاح" حسابها، متمثلاً في السخط الواسع الذي تصدره عددٌ من الشباب اليمنيين، والذين اعتبروا أن استهداف المدنيين في الأحياء السكنية بالمدينة القديمة ينم عن عمل حربي وانتقامي وإرهاب يمارس باستخدام ادوات والدولة واستخدم لافتة العمل الأمني، ومبررات الخلاف السياسي، لاستهداف المواطنين المدنيين .

وكانت المبادرة الأولى، في مواجهة هذا "الارهاب" الإخواني في تعز، من قبل التنظيم الوحدوي الناصري، الذي سارع بأصادر بيان واصفاً ما حدث من قبل الحملة الأمنية والمتمثل في القصف العنيف على أحياء سكنية بحجة الحملة الأمنية، بـ "حملة الثأر والانتقام".

ومعتبراً أن ما يجري هو أقرب ما يكون إلى حرب إبادة ضد المدنيين، ومؤكداً على تمرد القادة العسكريين على قرار محافظ المُحافظة بوقف هذه الحملة، ومُطالباً بمحاكمة عسكرية لهؤلاء القادة "‘على جرائمهم" وبتشكيل لجنة رئاسية للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون من قبل "الحملة الأمنية" المزعومة.

هذا البيان مثل هزة سياسية قوية دفع بالاحزاب في المدينة التي نحج "الإصلاح" في احتوائها بسياسة الترهيب والترغيب، لكنها في النهاية رفعت الغطاء عن حزب الإصلاح، واصدرت لاحقاً بيانات متلاحقة أدانت فيها ممارسات الحملة الأمنية المشار إليها، ورفعت الغطاء السياسي حول الممارسات الإجرامية والانتهاكات الجسيمة لحقوق المواطنين.

الهزة الثانية القوية، فقد جاءت على يد شباب التنظيم الناصري أيضاً، الذين أعلنوا عن إطلاق مسيرة تضامنية مع ضحايا أحياء المدينة القديمة والأحياء الجنوبية لمدينة تعز، معبرين عن رفضهم التمرد على قرارات المحافظ الذي أمر بإيقاف الحملة بعد ثلاثة أيام من اندلاعها.
المسيرة الحاشدة التي شاركت فيها جماهير حاشدة من مواطني مدينة تعز، صعدت بدورها من خطابها المناوئ، لترفض علناً – ولأول مرة – سيطرة المليشيات الإخوانية، ممثلةً بما أُطلق عليه "الحشد الشعبي الإخواني" وهي تشكيلات عسكرية دربتها الجماعة في سرية تامة ويقدر قوامها بالآلاف وبتمويل خارجي.

هذه الهزة ايضا كانت لها تداعيات هامة أما تجسد في إعلان رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام بمحافظة تعزعن مسيرة جماهيرية حاشدة، يوم السبت الماضي التي شكلت صدمة قوية للاصلاح الذي سعى عبر بعض قيادات المؤتمر الى جعلها لصالحه الا ان اللافتات والهتافات التي رفعت فيها كانت ضده جرائم الاصلاح.

مسيرة المؤتمر الشعبي العام هي الأخرى، ضربة إضافية لأوهام الجماعة عن السيطرة التامة، والشعبية الجارفة، فقد أعلنت الحشود المؤتمرية الجارفة هي الأخرى، عن غضبها ورفضها للسياسات الإجرامية والإقصائية والعدوانية التي تنفذها الجماعة تجاه المواطنين في الداخل والحلفاء في الخارج.

فضلاً عن إعلان رفضها لمليشيات الحشد الشعبي، وهو ما جعل قيادة الإصلاح في ورطة كبيرة، لم يعُد معها التضليل الإعلامي والأكاذيب المزخرفة كافياً لإخلاء مسؤوليته عن تلك الجرائم والمؤامرات.

هذه الزلزال السياسي في مدينة تعز ساهم في انقلاب مسار حزب الاصلاح سياسيا 180 درجة، إذ وبعد ساعات فقط من تظاهرة المؤتمر، والتي شكلت إدانة إضافية لم تكن بحسبان "حزب الإصلاح"، أُعلن أخيراً عن إشهار التحالف السياسي للأحزاب المساندة للشرعية، والذي كان في طليعة الموقعين عليه حزب المؤتمر والإصلاح والناصري والاشتراكي وغيرها من الأحزاب.

وهو ما يعني أن الإصلاح، وبعد وتنصله من أي التزامات وطنية، ولو على مستوى التعهدات النظرية، لجأ لرمي نفسه تحت غطاء التحالف السياسي الذي رفضه سابقاً، في محاولة لإنقاذ نفسه من الإدانة المحلية والإقليمية والدولية لجرائمه وانحرافاته الجسيمة، والذي لم يعُد بوسعه التغطية عليها بعد الآن.

غير أن سياسيين ومراقبين يمنيين، يرون في هروب الإصلاح بتحالفاته مع مراكز النفوذ العسكرية والقبلية الفاسدة إنما يريد النجاة بنفسه، من استحقاقات والتزامات أكثر نجاعة.

تتمثل هذه الاستحقاقات في فض هذه التحالفات، والالتزام الكامل لمشروع استعادة الدولة، والسلطة الشرعية في اليمن، ووقف سياسات الاختطاف والتحايل على مشروعية وسيادة القرار السياسي، وإنهاء مراكز النفوذ الحزبية والقبلية والعسكرية والدينية التي تشكل منها حزب الإصلاح .

وبغض النظر عن الشكوك الواسعة تجاه النوايا الإصلاحية،ومدى التزام الحزب بما يدعو له التحالف والتي تعني القضاء على تسلطه على الشرعية ، لكن المشهد الجديد الذي قدمته تعز سيجعل من مناورات الحزب مستقبلا اكثر صعوبة.

لقد كشف المشهد في تعز درجة الوعي السياسي الناضج لدى المجتمع وعدم قدرة اساليب الخداع الاخوانية على الاستمرار في تغطية حقيقة الدور السلبي الذي يلعبه الحزب.

قوة هذا المشهد تكمن في أنه حدث في تعز ،ذات الامتداد والتأثير الديموغرافي الواسع في عموم المحافظات اليمنية، يجعل من الحُلم الإخواني في النفوذ والتمكين والتوسع أصعب خلال المرحلة القادمة.