ادبــاء وكُتــاب


الجمعة - 05 يناير 2018 - الساعة 02:58 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم السعدي - ارشيف الكاتب





مازال الجنوبيون ماضين في مضمار تسابقهم السلبي على الجنوب، وفي سبيل ذلك يقيمون السدود بينهم، ويقدّمون التنازلات تلو التنازلات خارج حساب أرباح قضيتهم. وبات البعض الجنوبي يكرّس كل جهوده لبناء الموانع البشرية تحت مسميات «المكوّنات والمجالس» وتناسوا خصمهم الحقيقي، وهو مازال يبسط سيطرته ويهدّد أجزاء كبيرة من أراضي الجنوب، وبات جل همهم توسيع مسافات التباعد بينهم.

في أحد لقاءاتنا ببعض الشخصيات الدولية، شعرت بخجل مصحوباً بألم شديد وأنا استمع إلى سرد لقصص عن سلوكيات هذا البعض الجنوبي، الذي يجتهد للقاءات الغرف المغلقة مع هذه الجهات، ليتحدث عن أحقيته في الاستئثار بتمثيل الجنوب، وعن استعداده لتحويل شعب الجنوب في سبيل ذلك إلى كتائب من عصابات «البلاك ووتر» لحماية مصالح تلك البلدان في بحار وأراضي وسماء الجنوب الذي يسعى إلى الحرية ويدفع من أجل ذلك أرواح ودماء رجاله ونسائه وأطفاله. ويتناسى هذا البعض، بل ويتجاهل، في خلوة تلك الغرف حرية وطنه وقضيته، ويكتفي بالحديث عن أحقيته في تمثيل الجنوب، نعم يتحدث فقط عن حاجته إلى دعم تلك الشخصيات ومنظماتها ودولها التي ينتمي إليها لمساندته في أن يكون الممثل الحصري للجنوب، ويتجنب الحديث عن أحقية أن تكون قضية الجنوب على أجندات تلك المنظمات وتلك الدول التي باتت بفضل أمثال هذه النوعية من الساسة وعقلياتهم التملكية تتحكم بمصير العالم.

في مقالة الأسبوع الماضي تحدثنا عن الفشل الذي مني به ممثلو الجنوب في الاستفادة من الوظائف التي منحتهم إياها «الشرعية». ورداً على ذلك، تحامل علينا البعض وحاول دحض كلامنا بمبررات أن «الشرعية» هي من أفشل أولئك الموظفين. الغريب أن هؤلاء المتحاملين تناسوا أن «الشرعية» لو كانت فعلاً تريد إفشال هؤلاء، فإنه كان من الأسهل لها أن لا تأتي بهم من قراهم من الأساس وتمنحهم تلك المناصب والإمكانات، وكان الأفضل لها أن تختار من يقف في صفها ويدعمها من أبناء «الحراك الجنوبي»، وهم كثر ولديهم المؤهلات، أو أن تختار ممن لديهم ما يؤكد أنهم قادوا معارك تحرير عدن من أبناء «الحراك الجنوبي»، ولم يكونوا خارج عدن أثناء اجتياح «الحوثي»، ولم يغادروها في ساعات الزحف الأولى عليها, هذا أولاً. ثانياً، تناسى هؤلاء المتحاملون أن المحافظ المستشار الشيخ عبدالعزيز المفلحي، قد وضع حداً لأعذارهم ومبرراتهم باستقالته من منصب المحافظ، حين وجد من يعرقل سير خطط عمله وإدارته للمحافظة، وفرضت استقالته سؤالاً هاماً هو: لماذا لم يستقل مَن سبقه من هؤلاء المستهدفين بالإفشال من مناصبهم؟ ولماذا انتظروا حتى لفظتهم «الشرعية» واستحقوا نتيجة «فاشل» بجداره؟
قلناها ونكررها إننا لن نستطيع تجاوز مشكلاتنا كجنوبيين إلا متى ما واجهنا حقيقتنا دون «رتوش» ولا تزييف، وتحملنا مسؤلية فشلنا وذهبنا لإصلاح مواطن الخلل في سلوكياتنا.

وأعتقد أن أهم خطوة يجب أن نقوم بها اليوم هي أن نعود إلى ثورتنا ونعمل على توجيه كل طاقاتنا لخدمة أهداف قضيتنا الجنوبية، ونبتعد عن السلوك المشين في التسابق على مكاتب السفراء وممثلي المنظمات الدولية، لنزعجهم بمسألة الاعتراف بنا كممثلين حصريين للجنوب وقضيته، فالشخصيات التي نقابلها باتت تنظر إلينا بسخرية، وهي ترى سقوطنا من قمة هرم النضال لاستعادة الحق إلى حضيض الرغبة المريضة في المطالبة بحقنا في سلطة وطن مازال في علم الغيب.
ومن الخطوات التي يجب أن نقوم بها هي التخلي عن المكابرة والغرور والقبول بالاعتراف بأن الجنوب لكل أبنائه، وأنه لا يستطيع كائناً من كان، ولا داعماً كبر حجمه ومكانته أو صغر، أن يلغي هذه الحقيقة، وبالتالي علينا الابتعاد عن الأفعال الصبيانية التي اقترفها البعض، والعودة إلى وثائق اللجنة الفنية الجنوبية التي تقوم على التمثيل الوطني المتساوي للمحافظات الجنوبية قبل العام 1990م وفقاً للمساحة والسكان، ووفقاً لآلية البناء التنظيمي المؤسسي من الأدنى إلى الأعلى!

ومن الخطوات المطلوبة أيضاً، إعادة النظر في كيفية إدارة العلاقة مع القوى الممثلة لدول التدخل، وإعادة تلك العلاقة إلى نصابها الذي يجب أن يقوم على الندية، وإيقاف عجلة التبعية لتلك القوى التي يسير فيها البعض الجنوبي، والتي وضعته محطاً للتنازلات المجانية التي باتت تهدّد الأرض والإنسان الجنوبي في سبيل الحفاظ على حقه في تمثيل الجنوب.

ختاماً... نحن بحاجة اليوم إلى ثورة تعيدنا ثواراً!

عبدالكريم سالم السعدي
1 يناير 2018م