ادبــاء وكُتــاب


الأحد - 03 فبراير 2019 - الساعة 02:37 ص

كُتب بواسطة : غازي المزارع - ارشيف الكاتب




يعد مصطلح العنصرية والمحسوبية ذاك المصطلح الذي يعبر عن تفوق على أساس فروق بيولوجية, بل اتسع مداه إلى مجالات لا علاقة لها بالعرق, ولهذا توسعت دائرة العنصرية والمحسوبية لتشمل كل تعصب من فرد أو فئة من الناس لجنس أو عرق أو قبيلة أوعشيرة أو جماعة في أي منحى من مناح الحياة, وأصبحت لها مستوياتها التي تطل من ورائها ولعل من أبرز ذلك العنصرية في التمثيل الوظيفي وهو ما ييمكن أن " التعنصر العرقي " وهو صورة من صور الفساد الإداري, وأخطر ما يكون على النسيج الاجتماعي في المشهد الوطني, حين تكون العنصرية والمحسوبية والواسطة هي المحرك لكل قرار إداري من المسئول صاحب القرار الذي لا يمكن أن تنشأ معه وفي ظله أي تنافسية في ظل تراجع معايير الكفاءة, لوجود المحسوبية والواسطة مع استغلال النفوذ لتنقلب العنصرية حينئذ إلى صورة من صور الفساد الإداري بل أكبر تجلياته, ويعد ذلك من أكبر تجليات الفساد الإداري على الوطن.
 
لا يختلف أي مراقب أن أكثر أنواع الفساد شيوعا هو الفساد الإداري المتمثل بالواسطة والمحسوبية "تعيين الأقارب وابناء أصحاب المراكز والنفوذ والموظفين والأصدقاء وغيرهم" في المناصب لا على أساس الكفاءة وعدم أحترام القوانين والأنظمة والتقيد بها, ومع أن المحسوبية واستغلال النفوذ تعد ظاهرة مستشرية ولها وجودها في بعض الدوائر الحكومية أمر لا خلاف عليه, إلا أن يكون ذلك في المعهد العالي للقضاء الذي يعد منبع الإصلاح ومنشأ العدالة, فهذا أمر لا يعقل ولا يصدق, ولكن ذلك ما لمسناه بأفسنا بعد أعلان نتائج الطلاب الذي تقدموا لامتحانات القبول التحريرية في المعهد العالي للقضاء "عدن", وأنا شخصياً أحد أولئك الطلاب المتقدمين للمعهد, بعد نقله من العاصمة صنعاء إلى عدن, واستبشرنا خيراً لإنتزاع هذه المؤسسة القضائية التعليمية من سطوة مليشيا الإنقلابيين الحوثيين ومحسوبياتها, إلا أن الأمر كان عس ذلك وخذل آمالنا, بحيث تم الإعلان عن النتاج يوم الخميس 31/ يناير, من العام الجاري,  والمؤسف أن تلك النتائج احتوت على كثيراً من التجاوزات والثغرات, وذلك بعد مخاض عسير استمر لأكثر من شهرين منذ إنهاء الإمتحانات التنافسية حتى أعلان النتائج, ولكننا تفاجئنا بعد كل هذه المدة بأن مقاعد المعهد العالي للقضاء ذهبت بحسب المحسوبيات والوساطات, وما يؤكد ذلك قائمة النتائج الذي احتوت على الكثير من الثغرات, منها ظهور أبناء أعضاء السلك القضائي ولجنة الإمتحان وأبناء أقاربهم على قوائم الناجحين, وهناك اسماء لبعض الطلاب وردت بقوائم الرسوب إلا أنهم أوردوها مرة أخرى بقوائم الناجحين بعد تعديل درجات مواد رسوبهم, غير أنهم لم ينتبهوا إلى طمسها من قوائم الراسبين, وهناك قائمة كبيرة لطلاب ناجحين نسبة نجاحهم في جميع المواد 50 فقط,مع أن هناك طلاب درجاتهم 90 و80 في أغلب المواد إلا أنهم سقطوا بمعدل دجة أو درجتين عن معدل النجاح وذلك في مادة واحدة وأغلبهم في مادة اللغة العربية, واعتبروهم راسبين, أي كفاءة التي أعتمدوها بذلك, وهناك ثغرات كثيرة وما خفي كان أعظم, وما تلك إلا شذرات من ثغرات, ومن لم يصدق علية بمراجعة قائمة النتائج وسينظر الكثير من التجاوزات والثغرات.

وجميعنا يدرك خطورة هذا المسلك على الوطن والقضاء, وفي هذا السياق نطالب معالي وزير العدل علي هيثم الغريب, ورئيس مجلس القضاء الأعلى علي ناصر سالم النظر في ذلك وتوجيه إدارة مجلس المعهد العالي للقضاء بإعادة النظر في ملفات الطلاب وتصحيحها بكل شفافية ووضوح وأمانة بعيداً عن المحسوبية والوساطة, وكذا نطالب جميع الجهات المسئولة بمحاربة الفساد والمحسوبية بشكل عام, وينبغي أن يكون ذلك في أولية سياسة الدولة ومنهج الإدارة  الإصلاح الوطن ومحاربة الفساد الإداري في جميع الدوائر الحكومية, ويجب مراقبة ومسائلة من ينتهج المحسوبية والواسطة أو يقبل بها أيا كان مركزه من كبار موظفي الدولة وأصحاب المراكز الحساسة الذين يمسكون بمفاصل القرار في تلك الأجهزة والذين اغتروا بثقة ولاة الأمر وظنوا أن عين الرقيب قد خفي عنها هذا النزق والتصرف اللا مسئول.

والله من وراء القصد..