ادبــاء وكُتــاب


الجمعة - 01 فبراير 2019 - الساعة 07:07 م

كُتب بواسطة : ياسر علي - ارشيف الكاتب




لفهم الاجابة يجب أن نقوم بقراءة سريعة لواقع الجنوب بعد الأحداث الأخيرة وسنوردها على النحو الآتي:

* حرب 2015 ودور الحراك وباقي مكونات الجنوب:
- البداية من حرب 2015 كانت مرحلة مفصلية ببساطة يا تكتب نهاية الحراك الجنوبي وتضحيات عشر سنين على بدايته، او إنها بتحافظ عليه كحد أدنى او ترفعه مرتبة أعلى، النتيجة كانت مبهرة للغاية ولم تكن متوقعة، جاءت لصالح الجنوب عموما والحراك بوجه خاص.

- انتصر الجنوب بفضل الجنوب، فالراية الجنوبية كانت علامة الانتصار في كل الجبهات وسقط تحتها آلاف الشهداء، هذه المرحلة افرزت لنا واقع جديد كنتيجة حتمية للانتصار، والأهم انها كانت سبباً لظهور قيادات وطنية تحمل قضية الاستقلال سواء من الاطار التنظيمي للحراك السلمي و حتى من خارجه وقدمت اوراقها معمدة بالدم والثبات على أرض الميدان فلم يكن من الشعب الجنوبي الا الالتفاف خلف هذه القيادات فهي من استحقت أن تكون عنوان المرحلة القادمة.

- هذا فيما يخص الحراك وأما شلة الجنوب الثانية اصلاح ومؤيدي الشرعية، فذي اخذتها فرصة لمراقبة الوضع، شاركوا بشكل رمزي (للانصاف) لضمان قدم لهم حال الانتصار وحال الهزيمة طبعا الانسحاب التكتيكي احنا ماشاركناش وتصرفات فردية .. الخ.

* لماذا لم يتم اعلان استقلال الجنوب بعد تحرير 2015:
سؤال يتكرر دائماً في أذهان الكثيريين: مالذي منع الجنوبيين من استنساخ تجربة الحوثي وإعلان السيطرة على الأرض واعلان دولتهم؟:

- الإجابة ببساطة اننا نتحدث عن استعادة دولة لا فتح بقالة! فالحوثي سيطر على (دولة) ووجد ظروفاً ملائمة، جيش متكامل التسليح باستثناء الطيران اللي تم تعطيله بسبب الحظر الجوي للتحالف، استلم مؤسسات دولة متكاملة، وزارات جاهزة، تنظيم داخلي في كل مفاصل الدولة، بنك مركزي، وتحكم بموانئ دولة، واجتياح شبه كامل للشمال، وتصفيته لكل معارضيه اما بالاعتقالات او بالهروب، واهم شي كان وراه دعم اقليمي معلن متمثل بـ ايران، وخفي بأمريكا اللي حصلته بيضة من ذهب لضمان ابتزاز المملكة، يعني كل اللي قام به انه مسك دفة القيادة وحرك السيارة حقه لقدام وفصل الريوس.

* لماذا لم يعلن الانتقالي استقلال الجنوب عند تاسيسه:
يتساءل الكثيرون ماهي الأسباب وراء عدم قيام الانتقالي بقلب الطاولة حين اعلان تأسيسه! وللاجابة يجب ان نقرأ واقع وظروف تلك المرحلة:

- تأسس الانتقالي في 2017 ما يعني أنه من 2015 وحتى 2017 كانت قوات الشرعية انتظمت وتسلحت، وبأعداد كبيرة وبقيت على أهبة الاستعداد، لترك مواجهتها مع الحوثي والتوجه جنوباً بأمر هادي !!

- تم زرع ثلاث الوية حماية رئاسية تتبع جلال هادي شخصياً وهي وان لم تحسم المعركة في عدن لكنها باستطاعتها الصمود لحين وصول تعزيزات الوية مأرب وحضرموت ولمَ لا سيدخل طيران التحالف حال واجه ضغوط الشرعية المختطفة من الاصلاح باعتبار انه جاء لينقذ ويعيد الشرعية.

- الانتقالي والمقاومة الجنوبية لم يمتلكوا الوقت إطلاقاً لـ بناء مؤسسات الدولة، من 2015 بسبب إشغالهم بمعارك كثيرة: دخلوا معركة مع الإرهاب استنزفتهم امنياً وحتى على المستوى الاجتماعي، وتم القضاء على الارهاب بفترة قصيرة مع بقاء بعض تسللات وانفلات من حين لآخر.

- بعدها بدأ في دهاليز صراع طويل ومكلف تم استخدام بعض الجنوبيين كمطية للعرقلة، وبقيت المقاومة الجنوبية بين أمرين: إما أنها تستسلم لهذا الطرف وبالتالي تضيع القضية، أو تتصادم مع جزء محسوب على الجنوب لكنه باع وارتهن لقوى الشمال وبالتالي بجرة قلم سيتم تصنيفه مليشيا ارهابية، وبينهد كل اللي بناه على قلته وقتها.

* هل يسهل القضاء على الجنوب؟
• طيب هل يعني هذا الكلام انه بكذا يسهل عليهم القضاء على الجنوب واحراق الانتقالي؟! برضه الموضوع مش بذي البساطة لأن الواقع الآن قائم على الشد والجذب، اشبه بما يكون استعراض عضلات لكل طرف، يعني بتجدلنا بجدلك بتعورنا بعورك! لكن الفرق ان الانتقالي بيتحرك من فاعدة وتأييد شعبي، فذا بيعطيه ميزة، انه يستحيل القضاء عليه، وبنفس الوقت بيجعله مكبل لأن باقي الأطراف لا تهتم للشعب وستحرق الأخضر واليابس، ولوقرر الانتقالي خوض معركة كسر عظم احتمال كبير يخرج منتصر في النهاية، لكن الكلفة بتكون أكبر مما يتحمله الجنوب في الظرف الراهن.

* ماهو الحل الأنسب بعد كل ماحدث:
- الاجابة تتلخص في أن الانتقالي مش بحاجة انه يثبت شيء للعالم، فهو صار مكون شعبي يحظى بأغلبية، وصار إلى حد كبير يستطيع الصمود عسكرياً والدفاع عن الجنوب في الحد الادنى.

- الخيار الأسلم الآن المضي بخطين متوازيين، وخلينا نشبه الانتقالي بصقر الجنوب ذاك اللي يظهر كأيقونة في شعار الجنوب يلزمه جناحين للطيران:

- الجناح الاول هو التحرك السياسي اللي بإمكانه اختصار الكثير من المراحل والقفز لعدة خطوات حال امتلك اساليب المناورة اللازمة للخروج من مطبات وعراقيل تشابك المصالح الاقليمية والدولية، وهو الآن بدأ يمضي بخطوات واثقة وأبدى مرونة مؤخرا في التعاطي مع تقلبات السياسة الدولية.

- الجناح الثاني في تنظيم وتأسيس وترتيب البيت الجنوبي في الداخل، على المستوى الاجتماعي والثقافي والخدماتي، وهذه تسير ببطئ شديد لتعقيدات الواقع الجنوبي على مستوى القرارات والتسهيلات الحكومية التي ترتبط بثابت مهم يتعامل معه المجتمع الدولي (الشرعية) المغروسة في جسد الجنوب كمسمار جحا بسبب هادي وجماعته، لذا فالخروج من هذه المعضلة سيكون مرتبط بالجناح الأول القرار السياسي الذي سيذيب كل هذه العراقيل وسيسرع من وتيرة العمل والبناء لنهوض مؤسسات جنوبية خالصة تساعد على حلحلة الأوضاع على مختلف الأصعدة الاجتماعية والخدماتية وباقي الملفات التي ترتبط بشكل مباشر بحياة الناس.

• لذا فالجنوب مقبل على طريق يجب ان يمشي فيه إلى نهايته، لأننا لا نملك رفاهية خوض قتال داخلي وصراع لاستنزاف الجنوب، طالما بيدنا اننا نتحرك بطريقة تؤمن لنا عبور آمن بالجنوب نحو الاستقلال وبأقل الخسائر.

#ياسر_علي
ع.ع