أخبار وتقارير

تقرير : حزب الإصلاح ولعبة الحروب غير الشرعية بغطاء الشرعية اليمنية ؟

الإثنين - 25 مايو 2020 - الساعة 12:58 ص بتوقيت اليمن ،،،

عدن(البعد الرابع)غرفة الأخبار:



ينطلق التجمع اليمني للإصلاح في اتخاذ مواقفه السياسية من منطلق أن مصلحة الجماعة التي ينتمي إليها -جماعة الإخوان المسلمين- مقدمة على ما سواها من المصالح، وهو باعتباره جزءاً من التنظيم الدولي فإنه يعمل وفقاً لتوجيهات المرشد العام للجماعة، واضعاً الهم الوطني خارج حساباته.

ووفقاً لهذه الاستراتيجية التي تحدد مواقفه جاءت مواقف حزب الإصلاح منذ العام 2014 الذي شهد انقلاب الحوثيين على الدولة وسيطرتهم عليها بقوة السلاح، وهو العام نفسه الذي أجرت فيه قيادات عليا بجماعة الإخوان المسلمين محادثات سرية في تركيا مع ممثلين عن النظام الإيراني -الداعم الأبرز للانقلابيين الحوثيين- اتفق فيه الطرفان على توحيد جهودهما في اليمن في مواجهة النظام السعودي الذي يعد خصماً لدوداً للطرفين.

مع انطلاق العمليات العسكرية التي قادتها دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن نهاية مارس 2015 والتي أطلق عليها اسم ”عاصفة الحزم” كان التجمع اليمني للإصلاح يعلن رسمياً عن تأييده لهذه العمليات، وكانت قيادة الحزب هي السباقة للتوجه إلى العاصمة السعودية والإقامة فيها، والهدف من ذلك هو السيطرة والاستحواذ على القرار السياسي والعسكري للشرعية، وتسخيره في خدمة التوجهات والسياسات العامة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

المواقف المعلنة للتجمع اليمني للإصلاح هذه جاءت والاتفاقيات بين جماعة الإخوان والنظام الإيراني لا تزال سرية ولم يكشف عنها بعد، أي أن المواقف المعلنة لم تكن سوى تكتيكات سياسية من باب ”التقية” اتخذتها قيادات حزب الإصلاح، غير أن ملامح الاتفاق مع جماعة الحوثي الانقلابية ستظهر تدريجياً من خلال المواقف التي تخدم الحوثيين وتطعن الشرعية من الخلف، وصولاً إلى الكشف رسمياً من قبل قياديين في جماعة الحوثي وجماعة الإخوان عن الاتفاقيات والتوافقات بين الطرفين، والتباهي بوجود هذه الاتفاقيات التي تأتي في مواجهة العدو المشترك للجماعتين ممثلاً بالنظام السعودي.

وفقاً لهذه التوافقات -غير المعلنة حينها- فقد عمل الإخوان المسلمون في اليمن على إضعاف الشرعية من الداخل من خلال التمرد على مبدأ الشراكة وتوحيد الجهود في مواجهة الانقلاب، حيث تعاملوا مع الدولة -التي يتداعى اليمنيون لاستعادتها- باعتبارها غنيمة ولا بد من اغتنامها لصالح الجماعة.

عمل الإخوان جاهدين على تحقيق أهدافهم الخاصة المتمثلة بالسيطرة على القرار السياسي والعسكري للشرعية، كما وضعوا الاستحواذ على المؤسسة العسكرية والأمنية في أولوية أهدافهم التي يسعون إليها، ومن خلال اللوبيهات الخاصة بالجماعة نجح الإخوان بالسيطرة على مؤسسة الرئاسة ليكون القرار السياسي تحت سيطرتهم.

إثر ذلك مارس الإخوان المسلمون ضغوطاتهم على رئيس الجمهورية وأرغموه على الانقلاب على شرعيته من خلال إقالة خالد بحاح من منصبه كنائب للرئيس ورئيس لمجلس الوزراء على الرغم من كونه يمتاز بالشرعية التوافقية التي أوصلت هادي إلى منصب رئيس الجمهورية، حيث قام هادي بتعيين القائد العسكري لتنظيم الإخوان في اليمن علي محسن الأحمر في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة والأمن، كما قام بتعيينه أيضاً في منصب نائب رئيس الجمهورية.

بعد ضمان تنظيم جماعة الإخوان السيطرة على القرار السياسي والعسكري بدأت سياسة الإخوان بممارسة الإقصاء ضد الأطراف الأخرى في المؤسسات المدنية التابعة للدولة، وتعيين أفراد الجماعة بطرق مخالفة للقانون، وهو ما أسفر عن بلوغ الفساد الإداري داخل مؤسسات الدولة مستويات غير مسبوقة، وانعكست الآثار السلبية لهذا الفساد في الأداء المترهل للشرعية في المناطق المحررة.

بالتوازي مع ذلك عمل الإخوان على الاستحواذ على المؤسسة العسكرية والأمنية، حيث قاموا بإقصاء الكادر الوظيفي بتهمة أنهم ”عفاشيون وينتمون للنظام السابق” وقاموا بتعيين أفرادهم المدنيين في المناصب العسكرية العليا ومنحهم رتبا عسكرية وفقاً لمبدأ الولاء، كما استأثروا بعملية التجنيد لتكون المحصلة النهائية وجود جيش بقوام أكثر من 500 ألف فرد، غير أنه جيش وهمي باعتراف وزير الدفاع الذي قال إن 70% من قوامه أسماء وهمية.

منتصف العام 2017 كان بمثابة نقطة تحول في مواقف الإخوان المعلنة، حيث كان للأزمة الخليجية والتي أدت إلى انسحاب قطر من التحالف العربي أثر رئيسي في ذلك، حيث تحول الخطاب الإخواني العام إلى خطاب عدائي وتحريضي ضد التحالف العربي، والذي بات الإخوان يتهمونه بأنه يحتل اليمن ويدمرها وينهب ثرواتها، وصولاً إلى إطلاق الدعوات المطالبة برحيله من اليمن.

تركزت حملة تحريض الإخوان ضد التحالف العربي على دولة الإمارات بشكل رئيسي بعد تهدئة عسكرية وإعلامية مع الانقلابيين الحوثيين، ومن ثم استخدموا الإمارات كفزاعة لحروبهم العبثية ضد القوى الأخرى المؤيدة للشرعية والتي اتهموها بتبعيتها للإمارات وفي مقدمتها القوى السلفية وتحديداً كتائب العقيد أبو العباس التابعة للواء 35 مدرع.

في سبيل التخلص من كتائب أبو العباس قام الإخوان المسلمون بدعم عصابات مسلحة بالمال والسلاح، وتقديمها ككبش فداء للتخلص من السلفيين داخل تعز، حيث قاموا بإنشاء عصابة مسلحة يقودها ”غزوان المخلافي” الذي ينتمي للواء 22 ميكا وتجمعه علاقة قرابة متينة بقائد اللواء العميد ركن صادق سرحان.

مارست عصابات غزوان المخلافي أبشع الجرائم داخل تعز بحق المدنيين، حيث ارتكبت جرائم قتل ونهب أسواق ومحلات تجارية ونهب أراضٍ ومنازل وممتلكات عامة في ظل حماية من قبل محور تعز الموالي لحزب الإصلاح.

استخدم حزب الإصلاح عصابات غزوان المخلافي لشن الحرب ضد كتائب أبو العباس، حيث شهدت تعز أكثر من جولة من الاشتباكات المسلحة التي شنها الإخوان على كتائب أبو العباس في ظل حملات تحريض إعلامية وحقوقية ضد الكتائب من قبل القيادات الإخوانية وبدعم وتمويل من قطر.

كانت ميليشيا حزب الإصلاح تعيش في هدنة مع ميليشيا الحوثي الإنقلابية وتشن الحرب العبثية ضد كتائب أبو العباس، حيث كانت تدعي أن هذه الحرب هي حرب ”الجيش الوطني” ضد الكتائب العسكرية التي يصفها إعلام الإخوان بأنها ميليشيا، ويصف هذه الحرب بأنها حرب الدولة على الرغم من عدم وجود أي قرار رسمي بشن هذه الحرب.

بعد عجز ميليشيا الإخوان في القضاء على كتائب أبو العباس لجأت إلى تشكيل ميليشيا مسلحة تحت اسم ”الحشد الشعبي” وبقوام أكثر من 5 آلاف فرد وبدعم وتمويل قطري، حيث تم تسليح الميليشيا من السلاح الذي قام الإخوان باستلامه من التحالف وتخزينه في مخازنه الخاصة، بالإضافة إلى السلاح المقدم من قيادة المحور الموالية للإخوان.

ونجحت ميليشيا الإخوان بطرد كتائب أبو العباس من داخل المدينة بعد شن حرب شرسة ضد المدينة القديم حيث مقر الكتائب مطلع 2019، واستخدم الإخوان سياسة القصف العشوائي والكثيف بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها الدبابات، ما تسبب بسقوط عدد كبير من المدنيين، وهو ما جعل الكتائب تعلن من طرفها استعدادها للخروج إلى منطقة الكدحة في مديرية المعافر.

بعد أبو العباس كانت حملات التحريض الإخوانية توجه سهامها إلى العميد ركن عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع والذي اتهمه الإخوان بالعمالة للإمارات ودعم الإرهاب والتمرد على الشرعية، وبعد حملات مكثفة من التحريض نجح الإخوان باغتيال الحمادي في ديسمبر 2019، كما عملوا على نشر أفراد ميليشياتهم في مناطق الحجرية بهدف السيطرة عليها واستخدام هذه المناطق في حربهم التي يعدون لها ضد المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة المتواجدة في الساحل الغربي.

وقد قام الإخوان في إطار اتفاقياتهم مع الانقلابيين الحوثيين بتسليم جبهات نهم والجوف، والتحشيد ضد المحافظات الجنوبية بهدف اجتياحها، وفي الحين الذي كانت ميليشيا الحوثي تحاول اقتحام مارب انسحب الجيش منها باتجاه الجنوب وذهب لإقامة مناورات عسكرية في منطقة شقرة، ما جعل القبائل في مارب تتداعى للدفاع عن محافظتهم بعد خيانات الجيش الموالي للإخوان.

ميليشيا الإخوان التي ترتدي الزي العسكري احتشدت إلى شبوة وأبين وشنت حرباً ضد المحافظات الجنوبية بهدف اجتياحها، وهي الحرب التي ليس لرئيس الجمهورية ولا لرئيس الوزراء ولا لوزير الدفاع علاقة رسمية بها، ما يؤكد أن الإخوان يقودون حروباً غير شرعية باسم الشرعية التي يسيطرون عليها.


المصدر : مدى برس