أخبار وتقارير

تقرير مفصل : #تعز ..تحت رحمة العصابات المسلحة التابعة لحزب الإصلاح؟ ت

الإثنين - 24 فبراير 2020 - الساعة 02:18 ص بتوقيت اليمن ،،،

تعز- عدن- "الشارع"- تقرير خاص:




هيمنَ حزب الإصلاح، والقادة العسكريون الموالين له ولعلي محسن الأحمر، على الجيش، وسلطة القرار في مدينة تعز، بشكل أدق، في الأجزاء المحررة منها. وضمن تفريعات منظومة الهيمنة هذه، تم تفريخ ورعاية عصابات مكونة من أشخاص محسوبين على "الجيش"، ويحمل بعضهم رتباً عسكرية، قاموا، ومازالوا، بعمليات نهب وسطو واسعة على الممتلكات العامة والخاصة. حتى أن كل عملية نهب لأراضٍ، أو احتلال لمنازل واستيلاء على الممتلكات، غالباً ما يكون القائمون بها "جنود" و"ضباط" مدعومون ومحميون من هذا القائد العسكري أو ذاك.

مراكز النفوذ الرئيسة أنشأوا عصابات خاصة بهم، أو حموا أخرى قامت بذاتها، مستغلة فساد السلطة العسكرية، والانفلات الأمني المعبِّر عن افتقاد هذه السلطة للشعور بالمسؤولية، وانعدام الضمير الأخلاقي والإنساني لديها. وآخر مهازل هذه الفوضى المنفلتة تجلى في الاشتباك المسلح، الذي جرى، بداية فبراير الحالي، بين "عصابة غزوان المخلافي" المدعومة من صادق سرحان، قائد اللواء 22 ميكا، و"عصابة غدر الشرعبي" المدعومة من عبد فرحان (سالم)، القيادي في حزب الإصلاح، و"الحاكم العسكري" الفعلي لمدينة تعز. وكما هو معروف فقد أدى ذلك الاشتباك، الذي وقع وسط المدينة، إلى مقتل مواطن برئ، واثنين من مسلحي العصابة الأولى، وإصابة "غزوان" نفسه بثلاثة رصاص في قدميه، وذراعه الأيمن.

و"عصابة صدام المقلوع" هي ثالث أشهر العصابات المحسوبة على "الجيش" في تعز. وهناك عصابات أخرى رئيسة وفرعية مشابهة للعصابات الثلاث السالف ذكرها.

هذه العصابات، حوَّلتْ أسواق مدينة تعز إلى ساحة صراع يومي، وبين وقتٍ وآخر يسقط مدنيون ضحايا للصراع المستمر بسبب عمليات النهب، ومحاولات بسط النفوذ، أو تثبيته، من قِبَل هذه العصابة، أو تلك، في مربعات ومناطق وشوارع المدينة. وحتى كتابة هذا التقرير، والمعلومات تتوارد عن استمرار التوترات بين بعض هذه العصابات، لا سيما بين عصابتي "غزوان" و"غدر".

تقسيم المدينة على شكل مربعات نفوذ للعصابات



القادة العسكريون، أسندوا لعصاباتهم مهام قذرة، ومكَّنوها من ممارسة أعمال بلطجة على ساكني المدينة. كل عصابة بحثت لها عن "موارد" غير مشروعة اعتمدت على السطو على المنازل، ونهبها وبسط اليد عليها بالقوة، أو البسط على الأراضي، ونهب الممتلكات العامة والخاصة. وقبل هذا وذاك، إجبار كثير من التجار، والميسورين، ومسؤولي المؤسسات الحكومية الإيرادية، على دفع مبالغ مالية منتظمة (إتاوات) مقابل "الحماية"! وكل ذلك اقتضى تقاسم الأجزاء المحررة من المدينة على شكل مربعات نفوذ بين العصابات المدعومة من قادة عسكريين، أو المُمَثِّلة لهم. بالمعنى الحرفي للكلمة، مدينة تعز تقع تحت حكم مجموعة من العصابات واللصوص.

تقاسمت العصابات الأسواق العامة، والمربعات التجارية في المدينة. لقد حَوَّلت المدينة إلى أماكن نفوذ، ومربعات للجباية، ومكان مفتوح للنهب.

في ظل غياب "الدولة"، منح قادة العصابات أنفسهم "حق" ممارسة بعض أعمالها المتعلقة بجباية الأموال؛ من الباعة، والتجار، والمؤسسات الحكومية الإيرادية. يتم إجبار الناس على دفع تلك الأموال تحت عناوين و"مبررات" عِدَّة، أبرزها "مقابل حماية".

على أن أعمال الجباية التي تُمارسها هذه العصابات تظهر، أكثر ما تظهر، بشكل يومي فجٍّ، في أسواق بيع القات؛ حيث تقوم العصابات بإجبار الباعة على دفع أموال يومية لها؛ "مقابل عَرَصَة"، أو "مقابل حماية"، أو غير ذلك من مبررات النهب والغطرسة.

تفرض هذه العصابات سيطرتها على أسواق المدينة، في اطار حملة النهب والسطو الواسعتين على الممتلكات العامة والخاصة. زعيم كل عصابة يمنح نفسه "حق" جباية الأموال من هذا السوق أو ذلك.. بالقوة طبعاً.

يتم إجبار الباعة في الأسواق، لا سيما أسواق بيع القات، على دفع مبالغ يومية كإتاوات غير قانونية. هذه العصابات تقوم حتى بجباية ضريبة القات! وبعض الباعة يُجبرون على دفع هذه الضريبة مرتين: مرة للمسؤولين والمسلحين المتمركزين على مداخل المدينة، ومرة لمسلحي العصابات في الأسواق.

يمر مسلحي هذه العصابات، كل يوم، إلى الباعة، ويجبرونهم على دفع مبالغ مالية تحت يافطات عدة: مبلغ مالي مقابل "حَقّ العَرَصَة" (إيجار المكان الذي يجلس فيه لبيع القات)، ومبلغ مالي آخر "مقابل الحماية"، ومبلغ ثالث هو قيمة "الضريبة"، والبائع الذي لا يدفع يتم الاعتداء عليه، وطرده من السوق.

منذ نحو خمسة أعوام، وأسواق الأجزاء المحررة من مدينة تعز تشهد صراعات بين العصابات المدعومة والمحمية من قادة عسكريين نافذين. وبين وقعتٍ وأخرى تنشبُ اشتباكات بين أفراد تلك العصابات، في هذا السوق أو ذاك. ويؤدي ذلك، في العادة، إلى سقوط قتلى وجرحى مدنيين، وباعة أو مشترين في تلك الأسواق، إضافة إلى مسلحي الأطراف المتصارعة على جباية الأموال.

قيادات تعز العسكرية، وقيادات حزب الإصلاح، تقاسمتْ كل شيء تقريباً، الرواتب، والأراضي، وكثير من الممتلكات العامة والخاصة، وصولاً إلى الأسواق، التي فرضت السيطرة عليها، وأسندت للعصابات التابعة لها مهمة تحصيل جبايات وإتاوات يومية من الباعة والتجار. ولا شك أن الجزء الأكبر من تلك الأموال تذهب إلى جيوب قادة الجيش الذين يفترض بهم حماية الناس وممتلكاتهم من الخارجين على النظام والقانون.

إحدى فضائح قائد اللواء 170 دفاع جوي



الخميس الفائت، اقتحم قائد سرية عسكرية مبنى مكتب وزارة الخدمة المدنية في مدينة تعز، وعبثَ بمحتوياته، وقام بنهب أشياء وملفات منه؛ لأن إدارة المكتب لم تدفع له نسبة من الإيرادات (إتاوات مالية خارجة عن القانون). قائد السرية يُدعى عرفات الصوفي، وقام مع بعض "جنوده" باقتحام مكتب الخدمة المدنية، ونَهَبَ عدد من ملفاته؛ والسرية تتبع اللواء 170 دفاع جوي الذي يقوده العميد عبد العزيز المجيدي. أمّا مدير مكتب الخدمة المدنية فهو العقيد إسكندر المخلافي.

قبل عملية الاقتحام، ذهب "الصوفي" إلى "إسكندر"، وطلب منه أن يدفع له إتاوات مالية خارجة عن القانون، أو بشكل أدق نسبة من إيرادات المكتب، التي يُفترض توريدها إلى البنك المركزي باعتبارها ضمن موارد "الدولة" والسلطة المحلية. رفض "إسكندر" الاستجابة لطلب "الصوفي"، فهدده هذا باقتحام المكتب وإغلاقه. تواصل "إسكندر" بعبد العزيز المجيدي، وأبلغه بطلب "الصوفي"، وتهديدات الوعيد التي أطلقها له. المضحك أن قائد اللواء 170 دفاع جوي قال لمدير مكتب الخدمة المدنية: "عرفات الصوفي لديه مقاتلين في الجبهة، ويلزم أن تدعمه"! بعد تلقيه هذا الرد المخزي من المسؤول العسكري عن صاحب التهديدات، قام "إسكندر" بإبلاغ مديري الأمن العام، والأمن السياسي، ومحافظ المحافظة، بتهديدات الاعتداء على مكتب الخدمة المدنية، غير أن هذه الجهات لم تفعل شيئاً يحول دون حصول الاعتداء. وبعد حصول الاعتداء لم تفعل شيئاً لمن قاموا به! وهذا بالضبط هو ما جعل أشخاص محسوبين كـ "ضباط" في "الجيش" يتحولون إلى زعماء عصابات. على أن جذر المشكلة يعود إلى أمر آخر.

كثير من الأشخاص الذي صاروا ضباطاً في "الجيش" و"الأمن" في تعز، كانوا أصحاب سوابق، ومطلوبين لقوات الأمن. قادة الجيش، وحزب الإصلاح، حَوَّلوا كثير من أصحاب السوابق إلى "ضباطاً" ومسؤولين في "الجيش" و"الأمن". لقد تم تسليم مدينة تعز وأهلها إلى عصابات من القتلة واللصوص. وهذا بالضبط هو ما جعل أعمال النهب والبلطجة سلوكاً يومياً في المدينة.

أنين يومي



بشكل يومي، يشكو أغلب ساكنو مدينة تعز من أعمال هذه العصابات، وقادة الجيش الداعمون لها. يشكو الناس من ذلك في الشارع، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقفات الاحتجاجية، وفي المقايل المفتوحة والمغلقة (الخاصة). بالتوازي مع ذلك، يشكو أفراد "الجيش" من فساد قادتهم، الذين يستقطعون مبالغ كبيرة من رواتبهم الشهرية، وينهبون أغلب مخصصات الوحدات العسكرية، لا سيما مخصصات التغذية والتسليح والوقود. إضافة إلى الاستيلاء على مبالغ كبيرة خاصة بأسماء وهمية مُقيَّدة في سجلات "الجيش".

نقل سوق بيع السمك من مقره الحكومي إلى "حوش" بعيد



صباح السبت قبل الماضي، قرر محرر صحيفة "الشارع" زيارة السوق المركزي الخاص ببيع السمك، الواقع وسط مدينة تعز؛ بهدف تناول وجبة السمك اللذيذة، التي اعتاد كثير من ساكني المدينة على تناولها منذ زمن.

عند وصول المحرر إلى السوق، في السادسة صباحاً، وجده مغلقاً. لا وجود للسمك، والمحال مغلقة. ليس هناك أشخاص يريدون شراء السمك! كان الأمر غريباً بالطبع، إذ جرت العادة أن يكون السوق، في هذا الوقت من الصباح الباكر، نابضاً بالحركة والناس.

محرر الصحيفة، وجد شخصاً يُحَضِّر فطائر الجبن استعداداً لبدء عمل سحاوق الجبن، وبيعه على من يحضرون لتناول وجبة السمك، أو غيرها من وجبات الإفطار. سأله المحرر: أين السمك؟! أجاب: عاده في الروضة.

أيش يفعل في الروضة؟!

**السوق المركزي حق السمك تم نقله إلى الروضة، وبائعي السمك، والناس، وأصحاب المطاعم، كلهم الآن هناك.. يشتروا السمك، وبعدين با يجوا به إلى هنا بعد ساعة.

ليش، متى تم نقل سوق السمك إلى الروضة؟!

** يمكن قبل سنة.

من الذي نقله؟!

** نقله جماعة المتهبشين إلى هناك، عشان يكونوا يَشُلُّوا الفلوس من السوق.. الجبايات، والضرائب، والإتاوات.. المتهبشون المتصارعون على الجبايات والضرائب نقلوا سوق السمك من هنا إلى الروضة.. عشان يكون عندهم، وعشان يؤجروا للناس الحوش الخاص بأحدهم هناك!

أثار الأمر فضول المحرر، وتحولت الزيارة التي قام بها إلى السوق بهدف تناول وجبة الإفطار، إلى مهمة صحفية، فقرر تتبع خيوطها.

ولمن لا يعرف فـ "الروضة" هي معقل رئيس لحزب الإصلاح في مدينة تعز. وبشكل أدق، هي المعقل الرئيس لأبناء منطقة "مخلاف"، وحمود سعيد المخلافي، القيادي في "الإصلاح".

سرقوا حتى اللحظات الاجتماعية الحميمية المتوارثة



بعد الحديث مع بائع سحاوق الجبن، قرر محرر الصحيفة أن يلتقط صوراً للسوق، وهو خاليٌ من الناس ومحلاته مغلقة. بعد أن فعل ذلك، انطلق إلى "الروضة"، بهدف البحث عن سوق السمك هناك.

وصل المحرر إلى الشارع الرئيس في "الروضة"، وعلى مقربة من مدرسة الموشكي، سأل أحد المارة عن سوق السمك، الحراج المركزي لبيع السمك. دَلَّه الرجل على الطريق. وصل المحرر إلى وجهته. وجد السوق يقع وسط "حوش" واسع يقع وسط حارة مزدحمة بالمنازل والسكان! أرضيته أسمنتية غير متماسكة، وغير مستوية، فيما أرضية السوق الرئيس القديم مُبَلَّطَة. هذا "حوش" بلا سقف، وذاك مسقوف بالخرسانة والحديد. لا مجال للمقارنة بينهما.

الحركة في هذا السوق/ "الحوش" لا بأس بها، وفيه تواجد كثيف لثلاجات نقل السمك، ولبائعي ومشتريي السمك بالجملة وبالقطعة. هناك مواطنون يشترون السمك بكميات محدودة لتناوله. وعلى من يريد تناول السمك في السوق أن يأتي إلى هذا المكان البعيد ليشتري السمك، ثم يعود إلى السوق القديم، الواقع وسط المدينة؛ لأن مطاعم إعداد السمك تقع هناك! شاهد مندوب الصحيفة مواطنون عاديون جاؤوا إلى هنا، من وسط المدينة، وأماكن أخرى فيها، لشراء السمك. كذلك، شاهد مسلحين يقومون باستلام مبالغ الجبايات من الباعة.

يبدو السوق مزدحماً إلى حد ما، لكنه ليس كسوق السمك المركزي السابق، الذي عُرِفَ منذ سنين بازدحام الناس فيه، والأصوات المرتفعة للباعة، التي تتصاعد وتتداخل معلنة أسعار بيع الأنواع المختلفة من الأسماك. كذلك، يتميز السوق القديم الرئيس بوجود، أمام مدخله الجنوبي، وأماكن أخرى أبعد من ذلك قليلاً، مطاعم خاصة بطباخة السمك، حيث يتجمع، في الصباح الباكر من كل يوم، عدد من ساكني المدينة، استعداداً لتناول وجبة السمك. لقد تم سرقة تلك اللحظات الحميمية المتوارثة اجتماعياً؛ تم سرقتها من قِبَل حزب الإصلاح، وعصابات النهب التي تعتاش على الجبايات والإتاوات المسروقة من الناس.

يقع السوق القديم لبيع السمك في منطقة حيوية ورئيسة تتوسط المدينة، ويتواجد فيها مطاعم وأسواق مجاورة لبيع اللحوم والفواكه والخضار. قديماً بنت الدولة هذا السوق الخاص ببيع السمك، وسوق آخر قريب منه خاص ببيع اللحوم، وثالث لبيع الخضار. الدولة بنت هذه الأسواق المتقاربة بشكل منظم، ضمن منطقة تتوسط قلب المدينة. كل شيء موجود في هذه المنطقة.. اللحوم والخضار والفواكه والدجاج، وهذا ليس متوفراً في "الحوش" البعيد عن مركز المدينة، والذي تقرر تحويلة إلى سوق بديل لبيع السمك بالجملة.

تكاليف إضافية يتحملها المواطن



كان بإمكان ربات البيوت، أو أرباب الأُسر، الحضور، خلال النهار أو في الليل، إلى السوق المركزي، الواقع في قلب المدينة، وشراء كل ما يردن/ يريدون شراءه لإعداد وجبات الغداء في منازلهن/ منازلهم؛ وبأسعار منافسة. وكان عدد من الناس يأتون في الصباح الباكر، أو في المساء، إلى هذا السوق وشراء السمك، وتناول وجبة الفطور باكراً، في أحد المطاعم القريبة. اليوم، صار عليهم الانتظار إلى ما بعد الساعة السابعة صباحاً كي يأتي السمك من "الروضة"، أو الذهاب إلى هناك لإحضاره. لماذا؟ لأن أحد النافذين قرر تحويل "الحوش" البعيد إلى فقاسة لجني النقود، فاستخدم سلطته، أو سلطة حزبه (الإصلاح)، وجرى تحويل ذلك "الحوش" إلى سوق مركزي لبيع السمك بالجملة! هل هناك عبثُ أكبر من هذا في حياة الناس؟!

لقد تم نقل السوق الخاص ببيع السمك بالجملة من قلب المدينة إلى مكان بعيد. وكان المبرر أن بائعو السمك بالجملة يتسببون بزيادة الازدحام الموجود في قلب المدينة. وإذا ما سَلَّمنا بهذا المبرر، يظل السؤال: لماذا تم نقل السوق إلى "الروضة"، وذلك "الحوش" بالتحديد؟! على أي أساس تم اختيار المكان، ولماذا ذلك "الحوش" بالتحديد؟!

من الواضح أن مراكز قوى عسكرية، أو من حزب الإصلاح، استغلت نفوذها وسيطرتها على السلطة في تعز، وقررت نقل سوق بيع السمك بالجملة من موقعه المركزي إلى "الروضة"؛ لجني الأموال من ذلك "الحوش" البعيد. تم ذلك دون اكتراث بحقيقة أن "الحوش" يقع وسط حي سكني مزدحم السكان! لم يتم حتى الاكتراث بالتبعات المترتبة على كاهل ساكني المدينة جراء هذا النقل. وتقتضي الإشارة هنا إلى أن ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار السمك. فبعد أن كان تجار بيع السمك بالجملة يدفعون مبالغ بسيطة مقابل العمل في السوق المركزي السابق، صار كل واحد منهم يدفع عشرين ألف ريال في اليوم مقابل إيجار لصاحب "الحوش" (هناك شخص يدعى "المقرمي" مشرف على "الحوش"، ويستلم 20 ألف ريال يومياً من كل شخص يبيع السمك في "الحوش"). وإلى هذا، فباعة السمك العاديون صاروا يتحملون تكاليف مالية إضافية يدفعوها قيمة مواصلات ذهابهم اليومي، صباح كل يوم، للذهاب إلى "الروضة" لشراء السمك من هناك، ثم العودة به إلى السوق المركزي القديم، لبيعه للناس هناك. وهذه التكاليف الإضافية تُضاف، دون شك، على كاهل ساكني المدينة الذين يشترون السمك.

بائع سمك: نحن في أيدي لصوص



في "الحوش" الذي تحول إلى سوق مركزي لبيع السمك بالجملة، تابع محرر الصحيفة عمله. سأل عن السبب الذي تم بموجبه نقل السوق من وسط المدينة إلى "الروضة". أجاب أحد باعة السمك: "العصابات المسلحة، وأفراد الجيش، هم السبب الرئيس في نقل السوق؛ لأنهم يفرضون هنا علينا إتاوات باهظة علينا، وعلى شاحنات نقل الأسماك".

ما الذي تغير بالنسبة لكم في هذا السوق؟

** زادت الإتاوات والهيمنة والسيطرة علينا بشكل أكبر.

كيف، وضح لنا أكثر؟

** والله يجي لعندي قائد كتيبة في اللواء 22 ميكا، وبعده عشرة مرافقين، يأخذ خمس حبات سمك، من النوع الممتاز ويمشي بدون حساب هذا أولاً. ثانيا الإتاوات زادت بشكل مضاعف.. مبالغ مالية تؤخذ مِنَّا كعرصة وإيجار، مكان، ونظافة، وو.. إلخ.

بحزن، أضاف: "الكل مستاء من نقل السوق إلى حي الروضة، فالموقع السابق يقع في قلب المدينة، وقريب من الناس، والحركة فيه أفضل. أما السوق هنا فهو بعيد، إضافة إلى قلة حركة البيع والشراء.. يعني في هذا الهنجر البعيد، والواقع ضمن خطوط التماس، في منطقة مفتوحة وقريبة من الحوثيين.. لا يمكن لنا أن نبيع السمك مثلما كنا نبيعه وسط المدينة".

تابع: "نحن في هذا السوق على مقربة من منطقة قناصة، ومتارس وحواجز أمنية، كما تشاهد قريبة مِنَّا، والناس لا يأتون إلى هنا خوفاً على أرواحهم، هذا أولاً، وثانياً لا يوجد مواصلات عامة إلى هنا.. هنا لا يوجد شيء.. والمكان بعيد ومخيف للغاية".

بائع آخر، قال للصحيفة، بغضب ومرارة: "نحن نتعرض لكل أساليب الابتزاز، من قبل المسلحين في الروضة، وانتقال السوق إلى هنا أشبه بتحويل الشيء من اليد اليمنى إلى اليسرى.. نحن في أيدي لصوص".

عند مدخل السوق التقطت محرر الصحيفة صورة لأحد المواطنين وفي يده سمكة، وسأله عن الحال، وكيف جاء إلى هذا السوق. قال بنبرة حزن: "سوق بلا مطاعم شعبية مش سوق، والشراء من سوق، والذهاب إلى مطاعم السوق السابق، مشوار متعب".

وأضاف: "أصحاب مخلاف، وغيرهم من النافذين، نقلوا سوق السمك إلى الروضة، والضحية المواطن، لا غير.. الفلوس تخلص في المشاوير والتنقل للروضة. من بعد ما نقلوا السوق إلى هنا، توقف أغلب الناس عن تناول السمك كوجبة فطور".

*نقلا عن الشارع