الافتتاحية

حصاد فبراير  2018 ..سباق عسكري وتحولات سياسية وشيكة

الإثنين - 05 مارس 2018 - الساعة 10:23 م بتوقيت اليمن ،،،

البعد الرابع : خاص


شهر فبراير من العام 2018  ، مثل  محطة مهمة في سياق تحضيرات الاطراف المحلية الفاعلة لجولة ما بعد  موت صالح .

وذلك من خلال نقلاتهم العسكرية المتبادلة بهدف تعديل موازين القوى كلاً لمصلحته ، وهي نقلات وان لم تترجم نفسها داخل قواعد اللعبة السياسية فإنها تمهد الطريق لتغيرات مفصلية في خارطة القوى والتحالفات .

كان مطلع الشهر المنصر امتداداً حياً لمفاعيل "أزمة عدن"  والتي انتهت بسيطرة قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي"  على اهم المعسكرات و المنشئات الحيوية في العاصمة اليمنية المؤقتة ، لكن تفوق الانتقالي عسكريا لم يثمر باي حالً من الاحوال الى تحقيق اهدافه التصعيدية سواء بتغير الحكومة او بفرض الشراكة على الشرعية .

وعليه نجح الانتقالي بفرض نفسه "كقوة" أمر واقع ، دون ان يجازف بالتحول الى "سلطة "امر واقع ، وكذلك دون ان يتمكن من انتزاع أي تسوية سياسية تعيد دمجه في السلطة الشرعية.

 

وفي الثاني من فبراير فجر "عيدروس الزبيدي" مفاجأة سياسية جديدة من خلال تواجده على خطوط التماس الساخنة بمديرية مريس شمال محافظة  الضالع ، وهي مديرية حدودية تقع ضمن نطاق جغرافيا "اليمن الشمالي" .

وقد جاء تحرك الزبيدي بعد يومين فقط من تزايد الضغوط السعودية عليه لوقف أي تصعيد عسكري في عدن  ونقل ميدان المعركة إلى جبهات الوسط والساحل الغربي على حداً سوى، وبرأي اوساط سياسية "حراكية" فان هذه الخطوات جاءت كترجمة لتصريحات الزبيدي السابقة بخصوص وعوده الثلاثة : الالتزام بدعم "المقاومة الشعبية في الشمال" ، وتحقيق مصالح واهداف التحالف العربي ، وعدم تجاوز سقف الشرعية اليمنية الممثلة بالرئيس هادي.

اما عملياً فقد اقتصر التزام "عيدروس الزبيدي" ازاء مقاومة الشمال بدعم وتغطية قوات العميد "طارق صالح" ابن نجل الرئيس صالح ، والتي يجري تدريبها واعدادها في عدن من بقايا ضباط ومجندي الحرس الجمهوري –بحماية مباشرة من قوات المقاومة الموالية  للزبيدي-  وبدعم مباشر من دولة الامارات المتحدة ؛الحليف المشترك "لعيدروس" و"طارق"  .

 ابوظبي ترى  في تجميع تركة "صالح" العسكرية خياراً  استراتيجيا من خلاله  تنجح في تصعيد عملياتها العسكرية ضد الحوثيين في الساحل الغربي من جهة  (وهذه الجزئية  تتوافق عليه بشده مع السعوديين)، وكذلك تحجيم حضور حزب الاصلاح الذي بات فور مقتل صالح اكبر واهم حزب يمني على الساحة السياسية والميدانية من جهة أخرى .

وفي هذا السياق كان ظهور طارق صالح يوم 18 من فبراير في جهات الساحل الغربي مؤشراً جاداً على اقتراب موعد دخوله في خضم الاشتباك اليمني ، مثلما كان ظهوره في شبوة  قبل شهرين مؤشراً حقيقياً على اعادة احياءه سياسيا وعسكريا، وهي خطوات إحمائية استعداداً  للجولة القادمة.

 

من جهة اخرى خرجت الشرعية من أزمة عدن بأقل الخسائر السياسية  لكن ذلك لم يلغي حقيقة تراجعها الميداني في كل المواقع التي تنشط فيها ابوظبي وحلفاءها ، وقد فضلت مراكز القوى المحسوبة على الشرعية تعويض خسارتها العسكرية جنوباً واقصائها غربا ، من خلال تعميق حضورها  العسكري في الشمال الشرقي والشمال الغربي  .

 

وفي 20 فبراير اصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قراراً جمهورياً بتعين هاشم الاحمر رئيساً للمنطقة العسكرية السادسة ، وقراراً آخر بتعين العقيد صلاح حسن (وهو مقرب من علي محسن الاحمر) قائدا للمنطقة العسكرية الخامسة ، وبذلك يكون هادي قد تلافى خطوات ابوظبي من خلال انعاش بقايا قطبي نظام ما قبل 2011 .

 الفارق ان (علي محسن ، وبيت الاحمر) هما لاعبان محوريان في جبهة الشرعية مصالحهم باتت شبه متماهية مع مصالح هادي ، فيما تركت صالح العسكرية والسياسية ماتزال هامشيةً داخل المعسكر الاماراتي  وعلاقتها بالانتقالي لم تستوفي بعد شروط التحالف السياسي ، لكنها تشاركها ذات المظلة الإقليمية وذات العدو المحلي .

 

اما صنعاء الموصوفة  "باليمن المفيدة" ، ما تزال حتى الان في قبضة الحوثيين بعد ان استفردوا بزمام السلطة فيها ، ويبدو ان الجماعة قد تجاوزت الى حد كبير التداعيات السياسية والعسكرية لمقتل الرئيس السابق ، وكان تواجد "صالح الصماد" في محافظة الحديدة يوم 27 من فبراير ، لتخريج دفعة جديدة من المقاتلين ، دليلاً اضافياً على ان سلطة الامر الواقع الممتدة من صنعاء وحتى الحديدة لم تهتز بتصفية شريكها القديم ، لكنها في الوقت عينه تبدي لغة استيعابية تجاه بعض قيادات الاصلاح ذات الهوى القطري ، التي يطمع الحوثيين الى استمالتها لتشكيل خارطة تحالفات محلية تتماثل مع خارطة التحالفات الاقليمية.