البعد السياسي

حكومة بن دغر تستقبل العام الجديد بحصاد حكومي متواضع و رسائل سياسية حادة

أحمد عبيد بن دغر خلال المؤتمر الصحفي ويظهر على يمنيه وزير الداخلية الجديد أحمد الميسر -البعد الرابع

الخميس - 04 يناير 2018 - الساعة 01:43 ص بتوقيت اليمن ،،،

البعد الرابع :خاص





بخطاب رسمي متباهي ، ورسائل سياسية حادة، أطلّ رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر، من مقر إقامته بمعاشيق في العاصمة المؤقتة، التي تتخذها الشرعية مركزاً سياسياً لها، وأمام عدسات وسائل الإعلام المحلية والعربية.. استهل بن دغر خطابه بالحديث عن الإنجازات التي حققتها الحكومة اليمنية خلال العام 2017 الفائت، على الرغم من التحديات الصعبة بشقيها الأمني والاقتصادي.


وبحسب بن دغر، فإن الرصيد المقبول من الإنجازات التي حققتها الحكومة في العام الماضي ستكون حجر الأساس التي ستنبي عليها الحكومة أعمالها  في العام ٢٠١٨.


بن دغر قال إن كل ذلك لم يكن ليتحقق لولا دعم الشعب اليمني.. مشيدا بموقف المواطنين في عدن،  والذي ساعدهم في التصدي "لمن أشهروا بنادقهم في وجه القانون وقوات الأمن" وأضاف: "سنمضي من أجل السلام والاستقرار الاجتماعي في عدن وباقي المحافظات المحررة، ولن نسمح للفوضى أن تجرنا إلى أحداث يناير (١٩٨٦) أخرى".


كواليس المؤتمر الصحفي :


في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً بدأ مؤتمر بن دغر الصحفي، بحضور وزراء الحكومة المقيمين في المعاشيق، متأخرا ثلاث ساعات كاملة عن موعده المقرر في الساعة التاسعة صباحا.

بن دغر الذي ظل يسرد بشكل مطول إنجازات حكومته طوال العام الماضي، صاغ خطابه بلغة رصينة وحصيفة، حاول من خلاله سرد المشاريع المنجزة في المحافظات المحررة، والمشاريع قيد التنفيذ التي يجري العمل عليها حالياً بوتيرة عالية، بحسب ما جاء في بيانه.

إنجازات الحكومة تمحورت تقريبا حول الرباعية الآتية: ملف الكهرباء، وتسليم رواتب الموظفين، وإجلاء أعداد كبيرة من جرحى الحرب، ونقل البنك المركزي إلى عدن. وبالطبع فإن الإنجازات الثلاث الأولى لا تعدو عن كونها مهاما طبيعية لها ، في حين أن نقل البنك المركزي، وبقدر ما يعد إنجازا سياسيا للحكومة، فإنه مثّل كارثة اقتصادية للمواطنين في ظل الانهيار المتواصل لسعر الريال اليمني.


وحتى ما اعتبره بن دغر حصاداً سنوياً مشرفا، لم تكن الحكومة صانعه الحقيقي، بقدر ما كانت الغطاء الإعلامي الذي درج المانحون على استدعائه في كل مرة تعتزم الأذرع الإنسانية لدول التحالف العربي (وتحديداً الهلال الأحمر  الإماراتي، ومركز الملك السلمان، ومنظمة الإغاثة الكويتية) تدشين مشروع جديد في المحافظات المحررة. لذا فإن بن دغر لم ينسَ توجيه الشكر الجزيل للدور البارز  لدول التحالف العربي،  مطالباً إياها بمزيد من الدعم لتتمكن حكومته من تحسين الأوضاع الاقتصادية والحياتية في المحافظات المحررة .


أمنياً، تباهى بن دغر بانحسار رقعة الإرهاب، ناسباً الفضل في ذلك للحكومة الشرعية . وهو طرح إعلامي يقفز على حقائق الميدان ويتجاهل الدور المحوري لأبوظبي والحراك الجنوبي، الذي مثل رأس الحربة في مواجهة الإرهاب، في حين عكفت الشرعية على تمرير القرارات الإقصائية بحقه.


في المجمل لم يخرج خطاب بن دغر عن طابعه الرسمي ، وإن طعّمه برسائل سياسية هامة، كانت موجهة بدرجة رئيسية للمجلس الانتقالي وقيادته السياسية .

وفي خضم حديثه قال بن دغر إن الحكومة الشرعية لن تحيد عن مشروعها الواضح في الحفاظ على الجمهورية والوحدة مهما كلفها من ثمن، وأن حكومته "لن تسمح باستنساخ مأساة يناير  86م في الجنوب".




بن دغر : لا وجود للإقصاء.. لكم انفصالكم ولنا وحدتنا

 جديد بن دغر لم يأتِ في خطابه الرسمي المكتوب على الورق، بل جاء رداً على مجموعة الأسئلة التي طرحها الصحفيون المشاركون في المؤتمر  قبل أن يصر  الأخير على رفعه، كي يبدأ اجتماع الوزراء اليومي، والذي درجت الحكومة على إقامته ظهرا مراعاة لمواعيد نوم أعضائها.


جديد  بن دغر وأسئلة الصحفيين :


ممانعة الصحفيين حالت دون أن ينصرف رئيس الوزراء إلى اجتماعه قبل أن يجيب عن أسئلتهم، وقد تفاعل بن دغر إيجابيا مع إلحاح الحاضرين.


 "البعد الرابع" وقف عند جزئية هامة من حديث رئيس الوزراء  حول سيناريو يناير 86 الدامي، الذي قسم نظام عدن أيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أو "دولة الشطر الجنوبي"، كما يحب بن دغر تسميتها. 

و من خلال هذه الجزئية أعاد "البعد الرابع" مساءلة رئيس الوزراء حول آلية الحكومة المتبعة لتجنب أي صراع دموي قد يدخل البلاد في نفق مظلم مجدداً ، والتي  تتنافى عمليا مع الممارسات الإقصائية التي كان آخرها إقالة المسؤولين الحكوميين المحسوبين على الحزب الاشتراكي والمجلس الانتقالي الجنوبي من مناصبهم.


هذه القرارات الإقصائية، بحسب ما ورد في سؤال ماجد الشعيبي - رئيس تحرير الموقع، كيف لها أن تجنب البلاد ويلات أي صراع سياسي قادم قد يتحول مستقبلاً إلى صراع عسكري على السلطة، في ظل الفراغ السياسي الحاصل اليوم، وعلى اعتبار مؤسسة الشرعية قائمة بالأساس على تحالف وشراكة واسعة جمعت مختلف الأطراف المناوئة للحوثيين  وانقلابهم على السلطة الشرعية في صنعاء ، وهي نفسها اليوم التي تهدّ هذه الشراكة لصالح طرف على حساب طرف آخر ؟.


إجابة بن دغر، الذي ظهر فيها وكما لو أنه متفاجئ من السؤال، حملت رداً مسؤولاً ودبلوماسياً، سارع من خلاله للدفاع عن شرعية القرارات الأخيرة ونفي تمهمة "الإقصائية" عنها.


بن دغر أرجع سبب القرارات التي أزيح من خلالها قيادات في الحزب الاشتراكي والمجلس الانتقالي، إلى أحقية الرئيس  هادي الكاملة دستورياً وقانونياً باتخاذ القرار، باعتباره رئيساً مفوضاً من قبل الشعب لقيادة البلد سياسيا وعسكرياً واقتصادياً وأمنياً ومالياً وإدارياً.. ولهذا قال بن دغر إن  على الجميع أن يفهم أن اتخاذ القرارات حق دستوري لهادي وحكومته.


وقال بن دغر إن من شملتهم تلك القرارات عينوا بالأمس، وقد اعترفوا بالشرعية، واليوم عندما أزيلوا أو أٰبعِدوا من مناصبهم قالوا إن الشرعية قد ظلمتنا.
بحسب بن دغر، "فإنه لا معنى من أن تقبل بالشرعية بالأمس حينما تم تعيينك بتلك المناصب، وترفضها اليوم حينما تمت إقالتك، لذا فإنه ليس هناك إقصاء بالمعنى الذي جاء في السؤال".


ووجه بن دغر رسالته لمن تم إقصاؤهم من السلطة بقوله: نحن نقول لجميع الإخوة  الذين لهم آراء فيما يتعلق بوحدة البلاد ومستقبلها ، نقول لهم مارسوا نشاطكم السياسي كيفما تريدون، ودعوا الآخرين يمارسون حقهم السياسي ايضاً فيما يريدون".


موقف بن دغر الدفاعي تحول إلى هجومي، من خلال سؤاله الكبير : من هو الإقصائي؟، "هل هو من ينزع علم الجمهورية من المرافق الحكومية، ثم ينصب عليها علم الشطر الجنوبي سابقاً ؟.. من هو الإقصائي، الذي يرفض أن يجتمع الآخرون ليقولوا نحن مع الوحدة ومع الدولة الاتحادية ؟، من هو الإقصائي، الذي يقوم باعتراض المؤسسات  العسكرية والأمنية ويمنعها من أداء مهامها ؟، من هو الإقصائي الذي يرفض الالتزام للشرعية والرئيس ؟"، وكل تلك أسئلة اكتفى بن دغر بوضعها دون الإجابة عنها.


بن دغر وقف عند حيثيات القرار، وأوضح أنه لم يأتِ محافظ  من خارج  لحج، ولا محافظ من خارج الضالع، كلهم من أبناء المحافظات المحررة . "إلا إذا كانت المناصب حقاً لطرف دون آخر ؟.. هكذا تساءل رئيس الوزراء قبل أن يضيف بأن "هناك إجراءات تحاول الحكومة ويحاول الرئيس على وجه التحديد اثأن يتخذها، بما يحقق التوازن الوطني".


وبعيدا عن الشرعية القانونية للقرارات الرئاسية ، فإن "التوازن الوطني" هو آخر ما تحقق خلال المرحلة الأخيرة من عمر الصراع الذي ارتفعت درجة حرارته، لا سيما في المحافظات الجنوبية، وتمتد مفاعيله العملية إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية والإدارية، التي يتقاسمها المجلس الانتقالي وحكومة بن دغر .


أما قرارات هادي الأخيرة فلا تعدو عن كونها مجرد تحصيل حاصل، خصوصاً بعد القرارات التي أصدرها هادي في 27 أبريل من العام الماضي، وقضت بإقالة اللواء عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لعدن، وإحالة وزير الدولة هاني بن بريك للتحقيق.. وهي قرارات عمقت من الخلاف بين مؤسسة الشرعية وبين شركائها في الحرب ضد الانقلاب والإرهاب، حيث فضلت الاستغناء عنهم مبكرا.. غير أن قراراتها ظلت مجرد حبر على ورق أمام ما أفرزته الحرب من واقع جديد، ومن موازين قوى لا يمكن لأي قرارات صدامية أن تتجاوزها .


ومن المرشح أن استمرار الخلاف بين الفرقاء في الساحة الجنوبية سيمهّد لمرحلة طويلة من الصراع، في ظل تعدد اللاعبين الإقليميين  واختلاف توجهاتهم ومشاريعهم على  الخارطة اليمنية، ما يعني أن الوضع في الجنوب المحرر - على وجه التحديد - سيراوح مكانه، وسيظل الحال على ما هو عليه، لا انفصال تمَّ، ولا وحدة قائمة.

#انتباه
المحتوى خاص بالبعد الرابع يمنع نقله دون الإشارة الى
المصدر