الافتتاحية

«افتتاحية البعد الرابع» هادي وبن زايد ..توافقات ما قبل الحديدة

الثلاثاء - 12 يونيو 2018 - الساعة 03:38 ص بتوقيت اليمن ،،،

البعد الرابع: خاص




هادي اخيرا في ضيافة محمد بن زايد ..بضع ساعات فقط ويصل الرئيس اليمني إلى العاصمة الإمارتية أبوظبي بعد أن التقى بوزير خارجيتها في الرياض ، وبعث سابقا وزير داخليته لتهيئة الاجواء التصالحية اللازمة.


ثلاثة سنوات من التوجس والخصام جرى ترميمها بوقت قياسي خلال ثلاثة أيام .. وتلك هي سمة الازمة اليمنية التي تراكم الجمود لسنوات ثم تفجر التغيرات الكبرى خلال ايام.


لكن التقارب السياسي الأهم في مسيرة الصراع اليمني يأتي إستجابة لعنصر الضرورة والحاح المصالح التي أجبرت الجميع على فتح صفحة جديدة قد تنجح بتخدير التناقضات السياسية وتجميد الصرعات المستعرة بين الشرعية وابوظبي ، لكنها لا تبدو في وارد الغاؤها .


ومثلما استولدت مكاسب عدن تناقضا إستراتجية بين الطرفين .. استوجبت مصاعب الحديدة تحالفا تكتيكيا يلبي المصلحة الظرفية لطرفي الصراع.


فالرئيس هادي لم يعد يتكئ اليوم على جدار سياسي عاصم من التغيرات ، ومنذ الازمة الخليجية بدا وان "سد الاصلاح" قد ثقب جراء التنافر الحاد بين المصالح القطرية من جهة والمصالح السعودية الامارتية من جهة اخرى ، وبطبيعة الحال فقد حانت مواسم الهجرة من مأرب الى عدن .


 فشلت وساطة بن سلمان في ديسمبر الماضي بتسويق اليدومي والانسي كبديل عن الرئيس السابق ، لكنها نجحت اليوم في مصالحة "الشيخ" على "الرئيس" ، وتلك خطورة سياسية تعمق عزلة "الحزب" وتوسع خيارات "الرئيس".


يأتي ذلك في حين ترتفع برصة القوى الموالية للإمارات ، وهي ترابط على مشارف انتصار استثنائي في الساحل الغربي ، لذا فان من المغري للرئاسة اليمنية التعاطي بجدية مع الاطراف المعادية للحوثي والمقصية من الشرعية كي تقتسم معها ثمار أي انتصار مستقبلي ؛ وهي بذلك  تقفز من أطقم الاصلاح (المغرزة في نهم وتعز ومارب) الى مدرعات "طارق" و"عيدروس" التي تشق طريقها بإتجاه الحديدة.



في الجهة المقابلة لا تتكرم أبوظبي من موقع المتسامح لاستضافة الرئيس اليمني الذي اجتهد لاقصاء حلفاءها تباعا من مواقع صنع القرار ، ابتداء من بحاج وصولا الى الخجبي . لكنها هي الاخرى في أمسّ الحاجة الى بلورة "توافقات" ما قبل الحديدة في ضوء المؤشرات الدولية و الاممية غير المشجعة .


فقد راهنت قيادة التحالف العربي في اندفاعتها الاخيرة على سخونة الاجواء الاقلمية عقب الغاء الاتفاق النووي، وحاولت المبادة لتكون اول المفاعيل السياسية والعسكرية لحالة التصعيد المتنامية بين واشنطن وطهران.. لكن تقدمها المتباطئ عسكريا وتفكك جبهتها السياسية استلزم من الرياض وابوظبي ما هو اكثر من مجرد التقاط اللحظة الاقليمية كما حدث مثلا في معركة عدن والمخاء . وخطوة بحجم الحديدة تبدو بامس الحاجة الى موافقة مباشرة وترتيبات مسبقة.


ومع التردد الامريكي من جهة والممانعة الاؤربية الشديدة من جهة اخرى اصبح حضور الشرعية اليمنية مهما كحجة قانونية لمجابهة الاصوات الحقوقية المحذرة من كارثة انسانية في الحديدة ،وهي اصوات مصيبة في كثير مما تطرحه.


بإختصار تحتاج الامارات هادي كي تواجه الضغوطات الدولية ، ويحتاج هادي الامارات كي يعيد ترميم تحالفاته المحلية ، وتلك مصلحة تكتيكة قابلة للتطوير استراتجيا ، فهل ستكون تفاهمات الطرفين موضعية ومؤقتة ومبهمة ، ام انها ستولد مقاربة مشتركة لمسار الصراع واجراءات تصحيحية تلبي مقتضيات التوازن السياسي والعسكري اليمني؟!


المؤكد هو ان الطرفان حاليا لا ينظران ابعد من الحديدة ، لكن الحديدة تستلزم ايضا الجلوس بجدية لتسوية ازمات عدن و مواجهة انقلابي صنعاء.