السبت - 16 ديسمبر 2017 - الساعة 03:16 م
...
المؤتمر الشعبي العام كان من صنيعت علي عبدالله صالح لبنة لبنة وهو من بناه وشيده وصرف عليه المليارات من قوت الشعب وعلى حساب الشعب ..
ضم واشترى عشرات القادة والمشائخ والشخصيات من اليمنيين إلى صفوف المؤتمر وفي مقدمتهم من الجنوبيين عبدربه منصور هادي ...
قتل علي عبدالله صالح على يد الحوثيين في 4/ديسمبر /2017م ولا يوجد من يحزن عليه من الجنوبيين فهو من تمزقت على يديه جثث أبناء الجنوب وشرد وأذل من تبقى منهم خلال عقدين من الزمن ..
لكن علي عبدالله صالح كم تغني وهلل واعتبر ذلك إنجاز باسم الوحدة المشؤومة ، لكن مقتل علي عبدالله صالح كان شؤم على الشمال أرضا وإنسانا ففي مقتله كان آخر أمل للنظام الجمهوري الذي هو حلم كل الشماليين من الوليد إلى الشيخ لأن النظام الجمهوري انتهى بعودة الحوثيين ليعود نظام الإمامة ..
لهذا على صنعاء فائقة الجمال أن تلبس ثوب الحداد الأسود .. ويفض بكارتها زوج المتعة ..
الحقيقة التي لابد من الاعتراف بها أن الحوثيين أصحاب تاريخ في السلطة وأصحاب عقيدة ومقاتلين مخلصين لعقيدتهم وطموح بالحكم لاستعادة حكم ( الإمامة) بل يعتبرون إن الحكم ملك لهم دون سواهم ، ولديهم داعم خارجي يدعمهم بقوة وهي إيران لها أطماع بالسيطرة على الجزيرة العربية وثرواتها النفطية وممراتها البحرية ، ونشر أفكارهم الشيعية ..
لهذا الداعم والمدعوم لايستهان بهم .. ومن أجل ذلك لايستطيع أحد أن يخرج الحوثيين اليوم من أرض الشمال ومن صنعاء تحديدا خلال السنوات القادمة
... ربما قد يتوسع الحوثيون بنفوذهم نحو السيطرة على مأرب وبقية الأراضي التي تسيطر عليها قوات الشرعية من أرض الشمال وهذا لابد منه ، ولايستبعد أن يمتد طموحها نحو الجنوب ولكن يدركون عن يقين أن الثمن باهض أن حاولوا التمدد نحو الجنوب ..
أما مايتعلق بعودة ابن الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح إلى ميدان المعركة أمر محال لأن أحمد علي من ضمن الأشخاص الذين فرضت عليهم عقوبات بقرار من مجلس الأمن رقم 2216 والذي ضم أيضا عبدالملك الحوثي ... الجانب الآخر التنافر الشخصي والفكري بين أحمد علي عبدالله صالح و نائب الرئيس علي محسن الأحمر فقيادة الحرب تتطلب أن تكون القيادة لأحدهم لكن علي محسن يريد الزعامة له فهو يرى أنه صاحب تاريخ وهو زعيم الإصلاح وتيار الإخوان المسلمين ، وهو من ينظم تحت لوائه جزءاً من تنظيم القاعدة، ..
أما أحمد علي فهو من يطمح بإعادة تاريخ والده وهذا يعني توريث الحكم وهنا أعيد نظام التوريث مرة أخرى لأسرة علي عبدالله صالح (عفاش) وأحفاده ويعيد ذلك باسم حزب المؤتمر الشعبي العام أو الحرس الجمهوري وهذا في نفس الوقت محال فالمؤتمر والحرس الجمهوري مات بمقتل عفاش .. فالشيخ لايمكن أن يعود إلى صباه .
ومن جهة أخرى القوى التي تسيطر الآن على مأرب من الإخوان المسلمين بقيادة نائب الرئيس علي محسن الاحمر دعمها كقوة أيضا يشكل خطر فهي قوى متطرفة لها صلتها بالمطرفين والإرهاب ودعمها اللامحدود سوف يشكل هذا خطراً آخراً فيما لو سيطرة على صنعاء .. وفي نفس الوقت هي قوى استنزاف لدول الخليج وهي بالحقيقة غير مخلصة مع التحالف ومع الوطن ومع نفسها بل هي تفضل الثراء وبقائها كما هي عليه في مأرب ... ومن أسوأ صفاتها تاريخيا أنها تتبنى منذ فترة طويلة النزاهة وهي غارقة في الفساد وفي نفس الوقت هي قوى طاردة وغير مرغوبة من قبل الشعب في الشمال ليلتف حولها . ..
من هنا نستطيع القول إن التوازن القتالي والمعنوي بين الحوثيين والجنوبيين بالدفاع عن الأرض لكل واحد منهم خواص ومميزات منها :
_ الحوثيون يمتلكون عقيدة دينية بفكر شيعي والجنوبيون سنة ..
_ الحوثيون غايتهم الدفاع عن أراضيهم والجنوبيون أيضاً بعزيمة الدفاع عن أراضيهم من المحتل لهذا الجنوبيين أقوى ..
_ الطرفين كل واحد يدافع من أجل استعادة دولته ..
_ كل الطرفين يوجد لديهم داعم خارجي إحداهما من إيران والاخر من دول الخليج . ..
أمام هذا التوازن فالمستقبل يفرض نفسه وخاصة أن الحرب إقليمة وخلفها دول كبرى دولية ولهذا سوف تطول فترة الحرب ومن نتائجها إقامة دولة في الشمال ودولة في الجنوب .. ولا يستبعد فصل بعض الأجزاء من أرض الشمال لتكون مناطق ساحة حروب ممولة من التحالف في حال عدم وجود مساعي دولية لإيجاد حل سياسي .. مثل الجوف ومأرب وجزء من تعز والحديدة ....
إن دول الخليج وعلى وجه التحديد المملكة العربية السعودية. لابد أن تدفع الثمن باهض فهم السبب في تخلف اليمن اقتصاديا واجتماعيا من بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر وبعد عام 1990م فهم كانوا يستمتعوا باذلال الشعب جنوبا وشمالا من خلال عدم ظم اليمن إلى دولة مجلس التعاون . بل جعلوا اليمنيين أجراء في دول الخليج ، وصل الأمر الى رجال أعمال يمنيين اسهموا بنهضة دول الخليج ....
وأسوأ من ذلك تدخل السعودية في شؤون اليمنيين وتشتيت وحدتهم وشراء التبعيات لها من مشايخ وغير ذلك ..
كل ذلك كان فرصة لإيران أن تحصد ذلك التاريخ السيئ لدول الخليج وعلى رأسها السعودية .. ..
أما في ميدان المعركة على الارض فالتحالف فشل فشلا ذريعأ خلال الثلاث السنوات الماضية من عمر الحرب في اليمن بالسيطرة على الارض وتحديدا على أرض الشمال رغم التفوق العسكري الجوي للتحالف ، أما النصر على أرض الجنوب فالجنوبيون هم صانعو تحرير أرضهم بأيديهم . وإن كان التحالف قد ساندهم بذلك
.. لكن هذا بالمقارنة مع دعم التحالف للإخوان في الشمال .
أهم نقطتين تضعف مسيرة الجنوبيين هي عدم إخلاص دول التحالف نحو هدف استقلال الجنوب لكن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء بعد مقتل علي عبدالله صالح أصبح إجبارا على دول الخليج دعم استقلال الجنوب شاؤوا أم أبوا لكن سوف تلجأ دول الخليج إلى تجويع الجنوبيين وشراء ذمم النخبة الجنوبية من بعض القادة الجنوبيين والمجلس الانتقالي وفي المقاومة والجيش والأمن ليضل الجنوب تابع بصمت مخزي لدول الخليج ..
النقطة الثانية . هو أن دول الخليج سوف تعتمد على اذلال وتجويع وحرب خدمات وتقديم معونات ومساعدات غذائية والتدخل بشكل مباشر وغير مباشر بشؤون الجنوبيين وايضا عدم إنشاء مؤسسات دولة بالجنوب ليعيش الجنون خارج نظام الدولة ، إلى أن تصل دول الخليج إلى قناعة تامة في فشلها مع الحوثيين أو الوصول إلى اتفاق سياسي في اليمن شمالا وجنوبا .
الأمر الأخر يخص الجنوبيين وهو ضرورة توحدهم أرضا وإنسانا والتنازل لبعضهم البعض ونبذ المناطقية والولاءات الشخصية وحب الذات . ومحاربة الفساد الذي بدأ يتغلغل في أوساط الجنوبيين..
...
* كاتب وباحث في القضية الجنوبية . .
..يتبع ...
...