الخميس - 30 سبتمبر 2021 - الساعة 05:43 ص
إلى صديقي، ورفيقي ماجد الشعيبي الذي تشبه روحه هذه القصيدة وتشبه القصيدة روحه.
***
رغم عزوفي عن الكتابة بسبب العوامل الصحية إلا أن احتفاء بعض الأصدقاء بثورة ال 26 من سبتمبر الخالدة دفعني لكتابة هذه التغريدة.
احتفال الإعلامي الصحفي ماجد الشعيبي بالذكرى الـ 59 لثورة سبتمبر بصفحته بأكثر من تغريدة وخاصة تلك التغريدة التي قال فيها:
"الذي عنده حساسية من تاريخ سبتمبر, واكتوبر يدور له تاريخ ثاني.
أما نحن فنشعر بالفخر وسنفاخر بما حققه أجدادنا وأبائنا ضد الإمامة في صنعاء، والاستعمار البريطاني في عدن، وسنكمل المشوار حتى تحقيق كل الأهداف الوطنية في جنوبنا الحبيب، وشمالنا الغالي"
هنا كررت هامسا مع نفسي "اليمن لا ولن ينتهي" مع وجود شباب يحملون هكذا وعي خاصة عندما يكون مثل هكذا كلام يصدر عن شباب شماليين بشأن ثورة 14 أكتوبر المجيدة أو جنوبيين يحتفلوا بثورة 26 سبتمبر الخالدة كالزميل ماجد الشعيبي.
إن ماجد الشعيبي وغيره ليس إلا احفادا يمتدون لذلك الجيل اليمني المبدع نضالا ووطنية، وفكرا وثقافة، وادبا وغناء.
ويكفي أن أتذكر في هذا السياق شاعر ومطرب.
قصيدة وأغنية ... هي (يا حبيبة يا يمن) عندما أتذكرها من بين كثييير قصائد وأغاني أقف مندهشا أمام حجم كارثة التدمير الوطني الرهيبة التي استهدفت البلد، وطالت وعي معظم اليمنيين.
..... كيف ولماذا...؟
لماذا...؟
لأن الشاعر جنوبي من محافظة لحج هو الأديب الكبير الفقيد أحمد سيف ثابت، و الفنان الذي أبدع لحنها وغناءها هو الفقيد علي عبد الله السمه شمالي من محافظة إب.
أما الإجابة على كيف ....فأقول:
كثيرا ما أغرق في غزارة ثلاثية الكمات واللحن والأداء رغم بساطتهم لاسيما كلما فترت عزيمة النضال، وهمدت خافتة جذوات واشتعالات نيران الحب لكل شيء على ظهر هذه الأرض الحبيبة.
***
ولأن أغلب شباب هذا الجيل فقير في ثقافته الوطنية والإبداعية اعرفه بأن الشاعر أحمد سيف ثابت من مواليد مديرية طور الباحة بمحافظة لحج عام 1941 عاش مناضلا ضمن صفوف حركة القوميين العرب،ثم الجبهة القومية، وأخيراً الحزب الاشتراكي اليمني، ومن مؤسسي اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين أول مؤسسة وحدوية لكونها تأسست قبل الوحدة، وناضلت في سبيلها.
هذا الشاعر ناضل ضد الإستعمار، وناضل من أجل الوحدة وترك دواوينا شعرية ومؤلفاتا ودراساتا تناولت في معظمها وحدة الشعب اليمني ووحدة نضاله وثقافته يؤكد ما أطرحه هنا عناوين بعض مؤلفاته التي خلفها أثر رحيله المفاجئ عام 2000 مثل ديوانه الشعري الأول "عشر شموع من اليمن" وديوان " القلب المشكور" و ديوان " النضال المشروع" ناهيك عن بقية دواوينه الشعرية التي لم تخلو قصائدها عن قصائد تناولت قضايا الوطن، وهمومه، وحتى العاطفية الواردة في ديوان ابتسامات ودموع الشجن، وديوان سجون الليل، وديوان أشواق، وديوان شجون الحب.
وكذلك مؤلفاته الفكرية اهتمت بواحدية الاشتغالات الفكرية والثقافية نحو كتاب
الأغنية الوطنية اليمنية (دراسات عن القصيدة اليمنية)، وكتاب مهم كونه أول كتاب يوثق لتاريخ الأغنية اليمنية شمالاً وجنوباً عنوانه "100 شاعر و600 أغنية يمنية ...كتاب مشترك مع سالم حجيري.
وأعرف أنه توفي وله كتاب مخطوط عنوانه كفاح شعب. نبضات قلب... يعبر من عنوانه عن شغف هذا المبدع اليمني.
وكذلك كان الملحن والمطرب لقصيدة يا حبيبة يا يمن الفنان المرحوم علي عبد الله السمه كان ضابطاً في جيش الجمهورية بعد ثورة 26 سبتمبر، ويحمل مؤهل ماجستير في هندسة الصواريخ من روسيا، وكان عضوا في الحزب الديمقراطى الثوري اليمني أحد فصائل حركة اليسار اليمني، وترك للمكتبة اليمنية أكثر من مائة اغنية يمنية عبرت كثير منها هموم شعبنا التاريخية، ومتاعبه، وعن عشقه لليمن كالاغنية التي لحنها وغناها للشاعر أحمد سيف ثابت.
***
حقاً حين يكون التنافس صدق الحب للوطن، وصدق الوطنية، والشرف بين الشاعر والملحن فإن المنتصر الأول يكون الإبداع.
يخالجني إحساسا كبيرا أن أرواح هؤلاء العظماء هي من ستحرس هذا البلد من كل الملمات التي تحيط وتعصف به دون هوادة.
ولم يكن عبثاً أن يكون الشاعر جنوبي والملحن المطرب شمالي سواء بهذه القصيدة الغنائية الوطنية أو في غيرها، وإنما إبداع ترك للتاريخ بأن تراب هذه الأرض واحد تراب متمازج معجون بوحدة التاريخ والتراب ... وحدة النضال، والغاية في بناء حضارة الإنسان على هذه البقعة من جزيرة العرب.
ستبقى وجوهنا باقية نحن العشاق الحقيقين لهذه الارض، وجوهنا المغيرة بالتعب والمعفرة بالنضال، المتطلعة لحياة بشروط العصر والحضارة الإنسانية، أما العصابات ومليشياتها، ورعاتها الاقليميين والدوليين فليسوا سوى وجوه عابرة.
كل الذين يعبثون اليوم باليمن ليسوا يمنيين وانما هم وجوه عابرة.
نعم وجوها عابرة لا يمكن أن تنسينا مصير يمننا كما نظم الشاعر أحمد سيف ثابت درره، وغرد السمه هازجا في أغنيته (يا حبيبة يا يمن)...
***
ياللي اسمي اقترن باسمك على طول الزمن
ياللي رسمي عانقه رسمك بصعده وتبن
ياللي همسي جاوبه همسك بصنعاء وعدن
ياللي شمسي لامست شمسك في هذا الوطن
يا حبيبة يا يمن
في ربيع العمر حبيتك وفي كل العصور
في الوجوه السمر لاقيتك وفي نغم الطيور
في نسيم الفجر شميتك وفي نفح الزهور
في الروابي الخضر حبيتك وعانقتك علن
يا حبيبة يا يمن
لن ينسوني مصيرك الوجوه العابرة
روح انفاسي عبيرك والتراب الطاهرة
لا ولا با حب غيرك أو تخني الذاكرة
قد روى روحي عصيرك بصبابات وفن
يا حبيبة يا يمن
يا فتية في عيوني سر أسرار جمالك
يا علية في ضلوعي قدس أقداس جلالك
حبك يروي عروقي في شمالك وجنوبك
قبليني واقبلي روحي ثمن.