ادبــاء وكُتــاب


الأربعاء - 14 فبراير 2018 - الساعة 06:46 م

كُتب بواسطة : نبيل الصوفي - ارشيف الكاتب



مالم نقوله من قبل أن الزعيم قبل استشهاده قال للحوثة: "نتوقف عن الاقتتال، ونشكل لجنة مشتركة من المؤتمر ومنكم تناقش اتفاقا جديد للتسوية بيننا، وكاثبات لحسن النية سأخرج الى حصن عفاش وأبقى فيه".
ظنوا حديثه جبنا..
قال لهم: "ستقتلونا اليوم، وسنقتلكم غدا"، فقالوا اذا هذا تهديد.
وكل وضع يده على زناده وكانت المعركة الأقوى.. ظنوها الأخيرة، وتيقنها المفتتح.
وكل قرر مراجعة ادواره، هم بمزيد من التغول في المناطق تحت سيطرتهم، ونحن بتحرك بعضنا خارج مناطق سيطرتهم.
بدأ تغولهم بالانتشاء والاحتفال بقتل الزعيم، ظنا أن ماقاله لهم لم تكن سوى أوهام..
قال صالح الصماد لنا: عودوا مواطنين، فقال له العميد طارق محمد عبدالله صالح: "ونحن ماكنا غير مواطنين.."، مضيفا "انتم ترفضون المواطنة أما السلطة فقد سلمها رئيسنا لهادي قبل وصولكم صنعاء".
حربنا اليوم، هي لاستعادة حقنا في المواطنة، أما السلطة فطريقها الانتخاب ومرجعيتها الشعب لا السلاح والرصاص.
بدأنا معركة أخرى خارج حدود سلطة الحوثي، نريد مراجعة خطابنا تجاه كل الاطراف الأخرى بمقتضى التحول الجديد الذي فرضه الحوثة ورعونتهم.
توزعنا صوب الرياض وأبوظبي وعدن ومأرب، وبقي منا من بقي داخل صنعاء.
أتحدث عن المواطنين الذين قتل الحوثي زعيمهم، وشردهم بقوة الرصاص رغم عنادهم لثلاث سنوات يحاولون بناء جبهة وطنية تحول حروب الحوثي الى حروب لأجل الوطن لا لأجل المعتوه عبدالملك وعصابته الرعناء.
فوجئنا بانفتاح عالي في كل من الرياض وأبوظبي، وتفهم حذر في عدن، أما في مأرب فقد توزع الموقف بين خطاب متعالي يسخر من جهودنا طيلة ثلاث سنوات، رافضا ادراك ما فعله بنا وبنفسه حين اصر أن كل ماحدث في صنعآء منذ ٢٠١١ وحتى ٢٠١٤ كان مجرد جرائم "عفاشية"..
وجزء آخر يقول: خلصنا الحوثي منكم، فاذهبوا الى الجحيم.
لم يمنعه من الاحتفال بقتل "الزعيم" الا ادراكه أن الاشقاء في الرياض وأبوظبي ادركوا لحظة مقتل الزعيم كم ضللهم حلفاء استثمار "الحرب".
لم يكن لدينا مانع أن يكونوا هم ورثة "الزعيم" كشرعية أو كاصلاح، كما قالت قيادات منهم، غير أن المنطق يقول أن من يحتفي بمقتل الزعيم لايمكنه أن يكون ممثلا لارثه الوطني وخطابه السياسي.
كيف يمكنهم ادانة الزعيم، وفي نفس الوقت الادعاء أنهم هم من يمثلون توجهه.
سياسيا، يبقى المؤتمر الشعبي العام، قائدنا السياسي.. واطارنا الحزبي نتمنى التئام قيادته لتمثيل خط الزعيم الوطني، سواء التي في صنعاء او التي في الرياض أو في القاهرة.
أما أبوظبي، فموقفها واضح: "نحن حلفاء في الحرب، ولايمكن أن يبقى أحد في فنادقنا وهو يقول أنه يريد استعادة وطنه".
دمنا مع دمكم سيقاتل على أرضكم، لدعمكم أنتم، وليس لكي نسيطر نحن على اليمن وتسيطرون أنتم على الفنادق.
ليست لدينا اطماع.. بل مخاوف من سقوط اليمن قطعا كل قطعة بيد عدو.. وسندعمكم في بلادكم وعلى أرضكم.. وسنفتح الحوارات بين كل اطراف اليمن التي تقبل الاستماع لارائنا وتدرك الموقف الاقليمي والدولي.
"الرياض"، استمرت في موقفها الثابت: مرحبا بأي يمني يريد البقاء في بلادنا وفقا لقوانين دولتنا.. ومرحبا أكثر بمن يرانا حلفاء له مع الامارات وبقية دول المنطقة والعالم ندعمه لاستعادة الدولة اليمنية من عصابات الحوثي الايرانية، التي كل ماتفكر فيه هو توسيع رقعة الحرائق في المنطقة.
لمسنا حزنا وأسفا واضحا في الرياض وأبوظبي، وعلى أعلى مستوى، على استشهاد الزعيم وعلى خذلان منطقه وتوجهه الوطني القومي طيلة أيام الحرب.
خذلانا تشاركنا نحن وهم في صناعته.. وساهم معنا ومعهم التشويش المتعمد والممنهج لتحالف استثمار الحرب.
لم تكتمل نقاشات عهد مابعد استشهاد الزعيم، والمؤتمر لايزال يواصل دوره ونقاشاته في كل عاصمة يتواجد فيها قيادي منه.
ورغم كل الاختلافات فان الرئيس عبدربه منصور هادي يبدي حرصا عاليا لمنح المؤتمر الوقت والظروف المناسبة للنجاة من كل الخيارات التفتيتية التي تراد له من الحلفاء والخصوم في ذات الوقت.
ولكن هذه نقاشات السياسة، أما الحرب فانها لاتنتظر.. فكل يوم يمر، يواصل فيه الحوثي جهله ويذيق اليمنيين عموما وقيادات واعضاء وأنصار المؤتمر سوء المهانة والجبروت.
وكل يوم يمر، وتتحرر منطقة من تراب اليمن منه.. لكن تبقى "صنعاء" مقيدة بين يديه.
جماعة تعاقب الناس لمجرد التعبير عن مشاعرها تجاه شهداء انتفاضة ديسمبر..
جماعة تأخذ الرهائن، على طريقة دولة الامامة..
جماعة تنهب المنازل. وتستولي على كل مايمكنها نهبه.
هذه جماعة، لايبقى معها ممكنا الا تنظيما عسكريا اضافيا يساهم مع كل يمني جاهدها ويجاهدها أيا كان اختلافنا او اتفاقنا معه.
صحيح أننا كنا نتمنى أن توحدنا معركة اليمن والمنطقة كلها ضد الحوثي، ولكن هاقد بدأت التباشير من أرض الجنوب المحررة، واعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، دعمه للعميد طارق محمد عبدالله صالح ومجموعته العسكرية التي تواصل ترتيباتها ضمن جهود التحالف العربي لاستعادة الدولة اليمنية، في مشهد يذكرنا بحروب حماية الجمهورية الأولى عقب ثورة سبتمبر العظيمة.
حيث ساهم العرب وعلى رأسهم الجيش المصري، مع كل يمني هرب من حكم الامامة الى احضان عدن والقاهرة.. لتثبيت الثورة والجمهورية.
وقد شرط المجلس الانتقالي دعمه أى جهود لتحرير صنعاء، باحترام خيار الشارع الجنوبي، الذي لن يقبل بأي حال من الاحوال العودة الى ظروف ماقبل تحريره.
وهو شرط وطني وقومي يجب احترامه، ليس تبادلا للمنافع مع المجلس الانتقالي، بل بالتزام وايمان عميق أن الوطن لن يتعافى الا بنظام سياسي جديد يقر بتطلعات مجتمعاته المحلية واعتبارنا جميعا شعوبا وقبائل تتحكم علاقتها ببعضها بالاستقرار في هذه البلاد والمنطقة.
لم يضحي الناس بدمائهم هدرا.. ومالم نفهمه بالامس، يجب أن نفهمه اليوم، ونستجيب لتحديات هذا الفهم وهذا التصور..
وبالامس وفي سياق تقديره لمبادرة المجلس الانتقالي التاريخية، وجه العميد طارق دعوته الى "تفاهمات جديدة"، تستجيب لتحديات المرحلة، واولها ايقاف العبث بالوعي، وهو العبث المستند للاحقاد الذي لم تسلم منه حتى "جثة الزعيم"، وخصومه لليوم، الحوثي يرفض تسليمها وانصار الاصلاح اتباعا لبيان السخرية الذي اصدرته قياداته، ينتجون خطابا قميئا لايضرنا ولايضر الزعيم، لكنه يحرم هذه البلاد من تحالف متجاوز للماضي.. يجمع كل الاطياف الوطنية.
فمن لم يراعى لنا شهدائنا، يقول لنا أنه لايزال يرانا خصوما واهدافا مشروعة ليس للاختلاف معنا، بل حتى لقتالنا.
وهذا هو منطق الحوثي الذي بذلنتا جهدنا ضده ثلاث سنوات حى دمر أصحابه، ونقلنا الى الضفة الأخرى من واقع التحدي والمسؤلية.
هي دعوة اذا لحلفاء التحالف العربي، أن يراجعوا مواقفهم.. لنرتب جبهاتنا صوب صنعاء.. ونقدم لليمنيين النموذج المختلف عن الحوثي ورعونته.