ادبــاء وكُتــاب


الثلاثاء - 03 مارس 2020 - الساعة 05:06 م

كُتب بواسطة : خالد سلمان - ارشيف الكاتب


عقد اجتماع يوم أمس على مستوى عالٍ بصنعاء لمناقشة وإقرار غزو المحافظات الجنوبية، أو ما أسموها بتحريرها، كما ورد بمخرجات الاجتماع الحربي الخطير والذي ورد، بخبر مطول لوكالة سبأ الحوثية.

أطماع الحوثي لن تقف عند الجوف، ولن تكتفي بمأرب وشبوة، بل إن حمية الانطلاق جنوباً، قد بدأت، وبدأ الإعداد لها على قدم وساق، وعلى أعلى مستوى سياسي وعسكري، وهو هجوم متوقع لا يمكن أن يأتي معزولاً عما سبقه، من إشارات إعادة رسم التوازنات والأحجام في اليمن، بمباركة ورضا سعودي، وإحداث مناقلة بخارطة التحالفات والخصومات، من مواجهة السعودية مع المكنة العسكرية الحوثية، إلى تمرير مخطط الحوثي التوسعي، وإعطائه زمام المبادرة في تقرير وحسم مصير الحرب باليمن، وهو تفاهم إن حقاً حدث، لن يكون بعيداً عن تفاهم إقليمي وربما دولي، يعيد توصيف المصالح واقتسام اليمن بين الحوثي والحلفاء الحوثيين، خصوم الأمس وربما محايدو اليوم أصدقاء الغد.

الاجتماع المنعقد بصنعاء، يحاول إخراج مخطط حرب جديد، مرضى عنه سعودياً، وإن تلفع خطاباً وجعجعة لفظية، بمواجهة العدوان وتحرير الجنوب وعدن.

العملية الحربية جنوباً قد خرجت من حيّز الإعداد العسكري، إلى القصف النفسي وإعداد البيئة الشعبية الرديفة، والقابلة لمثل هكذا غزو، يأتي مدغدغاً لمشاعر أبناء الشمال تحت مبرر، مواجهة إجراءات المجلس الانتقالي بطرد وملاحقة كل ما هو شمالي بعدن، على حد قولهم.. وهو خطاب يراكم الغضب عند الناس ويصنع حاضنة قبول، بل يزيت مكنة الحرب بقوة دفع مجتمعية هائلة.

السعودية ربما تقبل، إحداث مثل هكذا مناقلة، إقصاء الإصلاح، الإطاحة بالانتقالي، وترسيم العلاقة الجديدة مع سلطة صنعاء، أو بأحسن الحالات إضعاف حلفاء الرياض السابقين والخصم من استحقاقاتهما القادمة على طاولة التسوية.

فيما كنّا نتحدث عن عام حل الملف اليمني سلماً، تحقق الجزء الأول وهو الحسم مع تغيير شكله من الحل سلماً، إلى الحسم حرباً.

ممارسات صبيانية غير متزنة من المحسوبين على الانتقالي، توفر الغطاء الأخلاقي لشرعنة مثل هكذا اجتياح حوثي، وتمنحه بعض المشروعية الشعبية من قبل بعض المضارين، من عمليات الترحيل الغبية، التي تجري لأبناء المحافظات الشمالية، والاستمرار، بحقن أبناء الجنوب بعقلية الانكفاء، وقدسية الجغرافيا، وهي لا تقل سوءاً عن هرطقات سمو السلالة المقدسة.

على عدن إزاء هذه الوتيرة المتصاعدة للاجتياح، أن تصحح علاقاتها في المحيط الوطني، وتعيد صياغة تحالفاتها على أسس المشتركات الوطنية لا الجغرافية، وأن تؤسس لتحالف وطني واسع النطاق، بجدية حقيقية وخارج انتهازية اللحظة السياسية العسكرية، المفصلية الحرجة.

ربما بضوء أخضر سعودي، الحوثي قادم، الإصلاح قادم هو الآخر، أو صامت، وعدن بانعزالية سياسة من يديرها، وحدها من ستتجرع كأس المرارة الطافح دماً، ويدفع ناسها الثمن.

هل نحن أمام تحالفات جديدة قادمة، وعام حسم عسكري وإطاحة برؤوس حلفاء، وهندسة تقاربات جديدة على رأسها الحوثي؟

في السياسة لا مستحيل لا ثوابت، لا أصدقاء دائمين، لا حلفاء مقدسين مؤبدين، هناك مصالح ومصالح فقط هي من ترسم وتحدد شكل وأسماء وأوزان الحلفاء.