ادبــاء وكُتــاب


الأربعاء - 10 يناير 2018 - الساعة 02:52 م

كُتب بواسطة : عبدالكريم السعدي - ارشيف الكاتب




من الواضح أن الأمور في عدن ومناطق الجنوب قد وصلت إلى مراحل متقدمة باتجاه خيار المواجهة العسكرية، تلك المواجهة التي عملت على إذكاء نيرانها بعض الأطراف التي تسيرها حسابات ضيقة صنعت معارك جانبية على هامش المعركة الكبرى التي يعيش أحداثها اليمن عامة والجنوب بشكل خاص، تلك المعارك التي تغذيها دوافع أطماع غير خفية وتأتي استمراراً لحرب سياسية وعسكرية خاضت بعض فصولها تلك القوى على مدى السنوات الماضية وتحت مسميات مختلفة.

ويبدو أن تلك الأطراف اقتنعت مؤخراً أن استمرار إدارة المعارك فيما بينها بالطرق والمسميات الحالية أصبحت وسيلة غير ذات جدوى، وأن المرحلة باتت تتطلب إدارة معركة واضحة الخطاب والأهداف تضع حداً للتنازع حول عدن ومناطق الجنوب المحررة، وتقصي طرفاً لصالح طرف آخر، وتظهر المؤشرات أن دول التدخل الخليجي في اليمن ليست بعيدة عن ما يعتمل من تطورات، وأن تلك الدول ستغض الطرف وستسمح بتلك المعركة، ولكنها ستؤجل دعم أي طرف بشكل علني فيها حتى تتضح معالمها ويظهر فيها الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وهذا ما تقتضيه مصالحه.

وفيما تواصل تلك الأطراف المتصارعة حشد طاقاتها وإمكاناتها، وتتجلى بوضوح ملامح تلك الأطراف التي لم تعد خافية على أحد، تشهد الحالة الإنسانية والأمنية في اليمن عامة والجنوب خاصة تدهوراً على كافة الصعد، بات فيها المواطن عرضة لكل أشكال الانتهاكات التي تحرمها الشرائع السماوية قبل القوانين الدولية، وهو الأمر الذي يتطلب أن تترفع الأطراف المحلية والإقليمية عن صراعاتها الجانبية، وأن تركز جهدها على المعركة الكبرى لوضع حد لتداعياتها ونتائجها على المواطن بشكل عام، وأن تعمل على إعادة تقييم سير المعارك لأنني أعتقد أنها قد أخذت وقتاً كبيراً يفوق حجم المهمة التي انطلقت من أجلها تلك المعركة.

في اعتقادي إنه لن يكون هناك منتصر في هذه المعارك الجانبية كما يفكر أو توحي بعض الحسابات لأصحابها، وسيكون أي تحرك عسكري لمواجهة داخلية بمثابة دعوة لتحويل الجنوب بالذات إلى ساحة صراع عسكري معلن، لا نهاية له، لن تسلم منها بقية مناطق اليمن وفقاً لمعطيات الواقع اليوم، الأمر الذي يتطلب من أبناء الجنوب التروي والحذر وإعمال العقل وعدم التطرف في الخطاب الثوري ومحاولة فتح قنوات حوار بين القوى الجنوبية بمختلف أطيافها وتوجهاتها، يقوم على الشراكة ونبذ الاستحواذ والتفرد ويؤسس لوحدة جنوبية تتصدى لمشاريع الأطماع التي تنتهجها بعض الأطراف، والتي ستتحول فيما بعد إلى حالة مواجهة مباشرة بين الجنوب وأرباب تلك الأطماع، سواء على المستوى المحلي الداخلي أو الإقليمي.

وانطلاقاً من كل ذلك، فإنه سيكون لزاماً على أطراف الصراع في اليمن، بما في ذلك أطراف التدخل الخليجي، أن يضعوا كخطوة أولى حداً لسلوكيات البعض الصبيانية التي قد تقود الجميع إلى فوضى عارمة لن يسلم منها أحد على مستوى اليمن والمنطقة، وذلك من خلال إيقاف دعم دول التدخل للأطراف الخارجة عن الشرعية، والذهاب بكل الأطراف إلى مؤتمر عام تضع فيه حلولاً لكل القضايا محل الصراع، ترضي أطراف تلك القضايا، وإيقاف عجلة صنع الميليشيات التي ستأتي عليها مرحلة ستخرج فيها عن الجميع بما في ذلك صانعيها، وتتحول إلى كابوس يهدد أمن واستقرار اليمن والمنطقة عامة!