ادبــاء وكُتــاب


الأربعاء - 16 يناير 2019 - الساعة 03:24 ص

كُتب بواسطة : كريم عبدالسلام - ارشيف الكاتب


عندما تنطق اسم حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى السابق، وأحد أضلاع تنظيم الحمدين الأساسية، لابد أن يأتى على ذهنك مجموعة متنوعة من الجرائم المنظمة ، بدءًا من الفساد واستغلال النفوذ والاحتكار والسمسرة والتحكم فى الاقتصاد القطرى بالكامل والدخول بالرضا أو بالعافية فى كل صفقة أو تعامل تجارى، وانتهاء بالدعارة السياسية التى تجلت فى أحد وجوهها بالعمل كعراب لـ" الأسرلة" فى قطر، أو تحويل السياسات القطرية إلى ترس فى ماكينة السياسة الإسرائيلية ومحاولة فرض التطبيع مع تل أبيب على منطقة الخليج من خلال الترويج المكثف له من خلال قناة الجزيرة التى كانت أول قناة عربية تستضيف مسؤولين وعسكريين إسرائيليين حتى أثناء شن الحروب على الأراضى الفلسطينية.



هل تذكرون فضيحة بنك باركليز البريطانى، والتى تورط فيها مجموعة من كبار مسؤولى البنك بتهم التحايل والفساد وجمع الأموال بطريقة غير قانونية؟ هذه القضية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحمد بن جاسم رئيس الوزراء القطرى السابق الذى كان مسؤولًا عن شركة "شالنج" المتورطة فى تمويل بنك باركليز بعد شراء الصندوق السيادى القطرى حصة %6.8 من رأس مال البنك مقابل 6.5 مليارات جنيه إسترلينى، كما كان وسيطًا فى اتفاق قرض مع البنك بقيمة ثلاثة مليارات جنيه إسترلينى، وبلغت حجم العمولات والرشاوى نحو 320 مليون جنيه إسترلينى.

حمد بن جاسم الشهير فى الأوساط السياسية والمالية العالمية بالاسم المختصر «أتش بى جى»، كان بطل الكتاب الفضائحى «قطر.. سر الخزانة» للصحفيين الفرنسيين كريستيان شينونست وجورج مالبرونو، اللذين وثقا مجموعة من أشهر جرائم بن جاسم وفى مقدمتها أول عملية نصب قام بها وحصد منها 20 مليون دولار كانت بداية تكوين إمبراطوريته المالية الفاسدة، فقد كان «أتش بى جى» مستشارا للأمير الجد خليفة بن حمد آل ثان قبل انقلاب الأمير الأب حمد بن خليفة عليه فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، وكان لدى الأمير الجد مستثمران فرنسيان يرغبان فى تدشين مجموعة من المشروعات فى الدوحة، لكن الأمير الجد لم يكن شغوفا بالحوار معهما، وأوكل إلى بن جاسم استكمال الحوار معهما، فما كان من بن جاسم إلا أن طلب منهما رشوة باسم الأمير الجد بقيمة 20 مليون دولار لتسهيل إقامة المشروعات فى قطر، وحصل عليها بالفعل.

حمد بن جاسم أو أتش بى جى متهم بالتورط فى أكبر عملية غسيل للأموال فى منطقة الخليج، وذلك من خلال الأذرع المساعدة له التى تعمل على توفير أرصدة كبيرة فى مختلف دول العالم لتمويل الأنشطة الإرهابية وعمليات شراء الأسلحة بطريقة غير قانونية وتمويل الصفقات المشبوهة، ومن أهم الأذرع المعاونة لحمد بن جاسم عائلة الفردان الموالية لإيران، والتى يعمل أبناؤها جميعًا مع رب العائلة حسين الفردان، على تمويل وتقنين الصفقات غير المشروعة وعمليات الفساد والسمسرة وغسيل الأموال التى تعقدها شركات بن جاسم.

فضائح حمد بن جاسم لا تتوقف سواء أثناء توليه رئاسة الوزراء أو بعد أن ترك المنصب بترتيبات مع حمد بن خليفة الأمير الأب لتجنب أى ملاحقة أمنية لهما بتهمة محاولة اغتيال الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالتنسيق مع القذافى، ومن هذه الفضائح فضيحة حصوله على رشوة شخصية مقدارها 400 مليون دولار نظير إتمام صفقة الاستحواذ على مركز التسوق هارودز فى لندن من المالك المصرى محمد الفايد، وكذلك حصوله على عمولة بـ200 مليون يورو من شركة إنشاءات عملاقة فى قطر بعد وعود بالمساعدة على إقامة جسر ضخم بين قطر والبحرين، على غرار الجسر المقام بين السعودية والبحرين، لكن الجسر لم ينفذ بالطبع ولا يبدو أنه سينفذ فى المدى المنظور، لكن أموال الرشوة التى ابتلعها «أتش بى جى» بالطبع لم ترد لشركة الإنشاءات.

حمد بن جاسم بحسب كتاب كريستيان شينونست وجورج مالبرونو، شخص يتمتع بالذكاء ولكنه أيضًا يُعانى عقدة نفسية «تجعله يرى أن الجميع معروضا للبيع وقابل للبيع أو الشراء، بشرط دفع الثمن المناسب لذلك، وهو الأمر الذى أوصله إلى التحكم خلال سنوات قليلة فى شركة الخطوط الجوية القطرية وبنك قطر الدولى والصندوق السيادى القطرى، ومجموعة قطر للاستثمار، الذراع المالية المكلفة بشراء العقارات والاستثمارات الضخمة فى الخارج، إلى جانب استحواذه باسمه الخاص على عشرات الفنادق والشركات والمنتجعات السياحية فى قطر وأوروبا وحتى فى إسرائيل، لكن هذا النفوذ المالى الضخم لم يستطع مسح سجله الإجرامى الذى يبدأ بتمويل الإرهاب وينتهى بالدعارة، والملف الأخير تحديدًا تساعد فى إدارته من لندن ابنته «سلوى حمد بن جاسم».