ادبــاء وكُتــاب


الأربعاء - 09 يناير 2019 - الساعة 01:57 ص

كُتب بواسطة : جمال الداعري - ارشيف الكاتب


*نُخطئ كي نتعلم، ونتعلم كي ننجح.*

ثلاثة وعشرون عاماً منذ أن وطأت قدماي هذه الأرض، عشتها بحلاوتها، ومرها، بسعادتها، وحزنها، أحداث وتفاصيل كثيرة عشتها، ومحطات متعددة مررت بها، ذكريات جميلة، وأخرى سيئة، ثلاثة وعشرون عاماً، اخطأت فيها كثيراً، وتعلمت فيها كثيراً، رافقتني أخطاء جسيمة خلال مسيرتي، كدت أن اهلك منها يوماً لو لا لطف الله بي، إنني لا اشعر بالندم اليوم مما أخطأت به يوماً من الأيام، لأني اصبحت اؤمن بأن هذه الأخطاء هي سبيلي كي اتعلم، إنني ممتن كثيراً لأخطائي، لأنها علمتني الكثير والكثير.

تتسرب أعمارنا خلسة، وتدور عقارب الزمن إلى الأمام، ولا نستطيع إيقافها، قد نشعر بحسرة على ما استهلكناه من أعمارنا، لكن ما أن نتذكر تلك المواقف والتوجهات والأفكار التي كنا عليها سابقاً، وأفكارنا ومواقفنا ومستوى الوعي الذي وصلنا إليه اليوم مقارنة مع مراحل عمرية سابقة، حتى تزول تلك الحسرة والندم، إن الفارق كبير جداً، فالحياة مدرسة كبيرة نتعلم منها، إن الأخطاء التي نرتكبها اليوم دون أن نعلم بها، ستصبح غداً دروس وعبر مفيدة لمن استثمرها، والفاشل وحده ذلك الذي لا يتعلم من أخطاءه وشراكة السابقة.
أن الناجحون بهذا العالم، ليسوا شخصيات خارقة للعادة، ولا يمتلكون أداة أو عصا سحرية يحركون بها أعمالهم ومستقبلهم، كيفما يشاؤون، إنهم بشر مثلنا، إنهم يتعلمون دائما دون انقطاع، ثم يمضون نحو أهدافهم فيفشلون، لكنهم يتعلمون من ذلك الفشل ويوظفونه توظيفاً صحيحاً، ويتعاملون مع الفشل وكأنه صديق خدوم لهم، وهو سر نجاحهم.


إن نجاحنا وانجازاتنا مرتبطة بعلاقة طردية مع مقدار ما نتعلمه، فكل ما تعلمنا كثيراً، كل ما انجزنا أكثر. فذلك اللاعب الذي يفوز بسباق السيارات، لم يكن ليفوز لو أنه لم يتعلم قيادة السيارة، وذلك المدير الناجح، لم يكل ليصل إلى أعلى المراتب إن لم يتعلم قواعد الإدارة، والاقتصاد، والمحاسبة، والاحصاء، وعلم النفس، وكل ما يرتبط بالإدارة. فإذا كانت المعرفة والعلم سابق للنجاح والانجاز، فينبغي أن نتعلم كثيراً. ولنتعلم من سيرة قائد الأمة، ومعلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، إن أول أمر سماوي أوصله جبريل لرسولنا الكريم "اقرأ" فقرأ رسولنا الكريم وتعلم، فأصبح أعظم قائد في تاريخ البشرية.
اقرأ وتعلم، والعلم والمعرفة ليست حكراً على جامعة، أو معهد، العلم والمعرفة متوفرة وميسره لمن أراد أن يتعلم.
تعلم من الكتب، الانترنت، الجامعة، المعهد، ومجال عملك، وغيرها الكثير، تعلم من كل شيء.
وأحذر أن يتسرب عمرك دون أن تتعلم وتنجز وتنجح، لأنها لخسارة كبيرة، فالله سبحانه وتعالى منحك روح "عمر"، ومنحك عقل وتفكير، فكلما أخذ من عمرك شيء عوضك عنه معرفة وتعلم ودروس وعبر، وكما نبهتك سابقاً، وحدهم الفاشلون من لا يتعلم.
إن ما نخسره مقابل العلم والمعرفة، ليست المادة أو المال، بل هي مقدار ما نستهلكه من أعمارنا، مقابل أن نتعلم.



وقبل الختام إليك هذه المعادلة المحاسبية البسيطة:
بافتراض أن عمرك هو أصولك الثابتة، لكنها أصول مجهولة القيمة" الأعمار بيد الله، وحده من يعلمها" ولكن ما نعلمه عن الأصل الثابت هو مجمع استهلاكه وهي مقدار ما مضى من عمرك.
- وأن ما تعلمته هي أصولك المتداولة، فإذا حدث نقص في أصل "عمرك" ينبغي أن تكون هناك زيادة في أصل آخر ألا وهي أصولك المتداولة" العلم والمعرفة" وإن لم يحدث ذلك، فأنه سيحصل نقص بحقوق الملكية، أو سيحدث خلل في معادلة ميزانية حياتك،
إن النجاح الذي تحققه مما تعلمته لهو إيراد، سيغفل في قائمة النجاح والفشل(أ.خ).

وبلغة المحاسبة والقيد المزدوج، ينبغي أن تقيد ما استهلكته من عمرك وما تعلمته في قراءة هذا الموضوع، مثلما فعلت أنا، لقد استهلكت وقت في قراءة بعض المواضيع في شبكة الانترنت عن رواد أعمال ناجحين، واستهلكت وقت آخر في الكتابة، لقد استفدت كثيراً، وخسرت من وقتي القليل.

من ح/قسط استهلاك العمر
إلى ح/ مجمع استهلاك العمر
(مقدار الوقت المستهلك)

من ح/ العلم والمعرفة
إلى ح/ إيراد العلم والمعرفة
(مقدار ما تعلمته) وإن لم تتعلم فقم بعكس القيد بالخسارة

من ح/ قائمة النجاح والفشل(أ.خ)
إلى ح/ قسط استهلاك العمر
(إقفال قسط استهلاك العمر في قائمة النجاح والفشل)

من ح/ إيراد العلم والمعرفة
إلى /قائمة النجاح والفشل
(إقفال مقدار ما تعلمته في قائمة النجاح والفشل)

ملحوظة: إن وجدت خطأ بالمقال، نبهني كي اتعلم.


جمال الداعري
كلية العلوم الإدارية- جامعة عدن