الجمعة - 19 أكتوبر 2018 - الساعة 10:12 م
من الواضح أن مستوى التعليم تراجع في سنوات الحرب إلى أدنى المستويات , بل وتوقفت العملية التعليمية في أغلب مدراس اليمن وفي تعز على وجه الخصوص بفعل تدميرها من قبل مليشيات الحوثي أو بتحويل بعض المدارس الى مقرات وثكنات عسكرية , ناهيك عن توقف رواتب موظفي التربية والتعليم لفترة طويلة الأمر الذي جعل أغلب المدرسين يبحثون عن فرص بديلة تمكنهم من مواجهة أعباء الحياة وإعالة أسرهم.
الفترة التي توقفت فيها رواتب العاملين في الحقل التربوي الكل وقف إلى جانب هذه الشريحة وطالب الحكومة والجهات المعنية بضرورة عودة الراتب لضمان إستمرار التعليم وبالطرق المتاحة حفاظا على أبنائنا الطلاب وعدم تسربهم من المدارس.
مساعي حثيثة بذلت في محافظة تعز من أجل تطبيع الحياة وتفعيل كل المؤسسات والمكاتب التنفيذية أبرزها إستئناف العملية التعليمية كونها ركيزة مهمة في البناء والنهوض بالوطن عبر الأجيال المتعاقبة.
وهنا بيت القصيد فبعد أن عادت رواتب موظفي التربية والتعليم ولو عبر فترات دورية نجد غياب تام لدور مكتب إدارة التربية والتعليم في المحافظة ومكاتب التربية في المديريات , قوبل بغياب ضمير المعلم , إلا من رحم ربي , غياب الضمير هذا يتمثل بعدم إحترام المهنة وعدم الإلتزام بالحضور والدوام لكثير من المدرسين بعد مرور حوالي شهرين من العام الدراسي الجديد , تجلى غياب الإحساس بالمسؤولية وعدم محاسبة الضمير لدى البعض لأن رواتبهم تصرف كاملة عبر مصرف الكريمي ولايوجد أي خصم أو توقف للراتب مقابل عدم الإلتزام بالدوام مستغلين بذلك الوضع الذي تمر به البلاد في عدم تفعيل مبدئي الرقابة والمحاسبة.
تخيلو هذه الانتهازية من قبل شريحة مهمة في المجتمع ونخبة نعول عليها في النهوض بالمستوى التعليمي وتربية الأجيال , وباتت ظاهرة التسرب من المدارس منتشرة بشكل ملحوظ في أوساط المعلمين في كثير من المديريات , فتجد بعض المدرسين يتسكعون في الشوارع والأسواق , وتفرغ البعض للسمسرة في بيع الأراضي والبعض في البيت منتظر الراتب بعد شهر أوشهرين اذا تأخر , في وقت زملاء لهم ملتزمون بالحضور والدوام ويتناوبون على الفصول الدراسية ويؤدون واجبهم الوطني بكل إخلاص وحب وتفاني فقط لأنهم يحترمون شرف المهنة والواجب الأخلاقي المترتب عليها فلهم منا كل الحب والتقدير.
ظاهرة تسرب المعلمين من المدارس والعزوف تماما على الدوام قد لا تكون موجودة في بعض المدارس بسبب الحلول والمتابعة من الأهالي أو الوجهاء الحريصين على تعليم أبنائهم في هذه المديرية أو تلك , لكن الظاهرة موجودة بالفعل في ظل غياب لدور التربية والتعليم حتى في الجانب الرقابي والتي لا تستطيع عمل شي للمخالفين دام أن كل الرواتب تأتي من الدائرة المالية عبر مصرف الكريمي ,
مثلا .. مدرسة خالد بن الوليد النموذجية بالضباب التي تعلمت وتخرجت منها أغلب المدرسين فيها حاليا من أبناء المنطقة بعضهم ماحضر حتى يوم واحد رغم أن المسافة بين منزلة والمدرسة أقل من كيلو ..
وهكذا هو الحال في المناطق المجاورة والمديريات حسب ما أكد لي وكلاء ومدراء بعض المدارس.
هذه الإنتهازية وغياب تام للضمير الإنساني , مقابل غياب للجهات المختصة في إتخاذ الإجراءات اللازمة هو ماشدني لكتابة هذه الأسطر متجاوزا كل حدود الإحترام والحاجز المقدس في تعظيم المعلم الذي تربينا عليها , رغم أني أعرف مدرسين مجرد كراتين فارغة ويقتصر دوره في الجلوس على الكرسي ويقرأ من الكتاب وهذا ولا يفيد الطالب في شيء ولكن نقول تواجده وحضوره للمدرسة مهم ويحفز الطلاب على التعليم في ظل الحرب والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد .
ختاما كل الحب والإجلال والتقدير لكل المعلمين والعاملين في الحقل التربوي الذين استمروا في أداء واجبهم حتى في فترات إنقطاع الراتب , وتعظيم سلام لكل موظف حر وشريف يأدي واجبه المهني والأخلاقي أين ماكان وفي أي مجال يعمل فيه .