ادبــاء وكُتــاب


الخميس - 04 أكتوبر 2018 - الساعة 04:15 ص

كُتب بواسطة : آمين اليافعي - ارشيف الكاتب



لا أدري لماذا كل موقف أو تحرك للانتقالي يأتي بنتائج عكسية، ويَصُب دوماً في صالح الحكومة الشرعية. ومع إن هذه الحكومة لم يُوجد لفسادها ولعبثها ولحقارتها ولا مسئوليتها مثيل في التاريخ، إلا أن الانتقالي بات بالنسبة لها منقذها الأكبر وهديتها الثمينة من السماء السابعة.
وفي هذا الصدد يمكن رصد عدّة نقاط:
- علاقة الخنوع الكامل التي ربطته بالإمارات، وسكوته عن انتهاكات سافرة، كان أكثر من عمل على تجميل وجه الشرعية القبيح، والتهوين من مساوئها وأخطاءها الكارثية على ضوء ما يقترفه من اخطاء ووفساد وانتهاكات ومساوئ جمة في المقابل تضعه دوما موضع المقارنة.
- في بيانه الذي وصفه بـ"بيان عدن التاريخي"، أو بيان 4 مايو، كان قد حرر الحكومة الشرعية من أي مسئولية تجاه المناطق الجنوبية المحررة، ورفع عن الشرعية المهاجرة جزء كبير من الحرج، كانت هي في أمس الحاجة له.
- في أحداث يناير الكارثية التي راح ضحيتها العشرات من الشباب عبثاً كان قد حرر الحكومة الشرعية مما تبقى من حرج أو مسئولية، ومن ضرورة البقاء في المناطق المحررة، فصار اغترابها ولا مسئوليتها مُبرر كلياً، لدى الرأي العام الداخلي والخارجي.
- في الأيام الأخيرة، وعلى إثر التدهور الاقتصادي والمعيشي المريع، انطلقت تحركات شعبية كثيرة في مناطق مختلفة، في الجنوب وخارجه، وقد كان من شأن هذه التحركات فيما لو تعاظمت أن تؤدي إلى تغيير الحكومة والضغط للآتيان بحكومة انقاذية من الكفاءات، وهو أخر خيار يُمكن أن يوقف هذا التدهور المرعب واللانهائي. على أن خروج المجلس الانتقالي بهذا البيان، وفي هذا التوقيت، والذي يبدو كدعوة أقرب إلى الفوضى منها إلى إصلاح الأمور وتولي المسئولية لإنقاذ الناس من أنهيار مريع على كافة المستويات، سيجعل أطراف ومناطق كثيرة تضطر إلى التوقف عن المطالبة بتغيير الحكومة، لهذا سيتراجع الاحتجاج الشعبي كثيراً خشية من أي خلط أوراق لم يعد بمقدوره تحمل توابعها المهلكة، لتبدو محاولة الانتقالي الحالية اشبه بمغامرة يناير الكارثية، والتي لم يتمخض عنها سوى أربعة أشياء: رفع الحرج عن الحكومة كلياً للإيفاء بمسئولياتها وألتزاماتها، وكما أشرنا أنفا، تدهور الأوضاع المعيشية بشكل جنوني، تعاظم الانقسام الاجتماعي، وتدهور الحالة الأمنية...
في الأخير، هناك شيئان مستعطيان على الفهم في تعاطي الشلة الانتقالية مع مجريات الأمور:
- دعوته إلى طرد الحكومة وتحرير مناطق هي في الأساس خاضعة لسيطرته كلياً، أي كأنه يدعو إلى طرد نفسه من نفسه، وتحرير نفسه من نفسه! ( يعني لن تستطيع اقناع أي شخص في العالم بأن رئيس وزراء أو وزير يُعارض الانتقالي ولا يستطيع دخول العاصمة المؤقتة عدن أو منطقته، ثم تأتي لتطالبه بالمسئولية، أمر لا يدخل عقل على الإطلاق).
- دعوته الأشقاء وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة المحبة للديمقراطية والسلام وحقوق الشعوب في العيش الحر والكريم والمستقر إلى دعم المطالب الشعبية (تصوروا!.. طبعاً هذه فقرة منقولة حرفياً من بيانه الأخير، وهي لازمة تتكرر في كل بياناته، وإن كان بصياغات مختلفة).