ادبــاء وكُتــاب


الأربعاء - 26 سبتمبر 2018 - الساعة 11:25 م

كُتب بواسطة : جمال الداعري - ارشيف الكاتب




في الواحد والعشرين من سبتمبر 2014 سقطت الجمهورية في اليمن، سيطر الحوثيين على صنعأ، ونهبت المليشيات السلاح، وأحتلت مؤسسات الدولة. بدأت بعدها خارطة الحوثيين بالتوسع، وبدأ السرطان ينهش بجسد اليمن.
كانت نشوة النصر الحوثية في ذروتها
أحتل الحوثيين المحافظات اليمنية واحدة تلو الأخرى، سقطت محافظة تعز آنذاك، وكانت أعين الحوثيين وقوات صالح وقتها على عدن.
أصيب اليمنين شمالاً بالاحباط وخيبة الأمل.
لم يحرك الأشقاء في دول التحالف ساكن، يراقبون الوضع عن بعد، واكتفوا بالتحذير بأن عدن خط أحمر...

كان الوضع جنوباً مختلف قليلاً، تحركت اللجان الشعبية في عدن وأسقطت معسكر القوات الخاصة، وسقطت بعدها كل الألوية العسكرية. بدت هناك نوع من التجهيزات للمواجهة، بدأ التسجيل والتسليح بقاعدة ومحور العند، تقدم الحوثيين باتجاه عدن، وسقطت قاعدة العند الاستراتيجية بأيدي الحوثيين، وتبددت الآمال الجنوبية بالدفاع عن عدن، وأصيب الناس بحالة يأس واحباط شديد، وأصبح حلم إيران قاب قوسي أو أدنى من السيطرة على اليمن وخنق الجزيرة العربية.
تقدم الحوثيين نحو عدن، وبدأ حضور اللجان الشعبية يتلاشى شيئاً فشيئاً، ولم يتبقى في عدن إلا مجاميع قليلة من اللجان الشعبية.
ومجاميع أخرى من شباب الحراك الجنوبي والسلفيين، لا يمتكلون إلا البندقية في مواجهة الآلة العسكرية التي كان يمتلكها الحوثيين وقتها.

في منتصف ليل الـ26من مارس من العام2015 م انطلقت عملية "عاصفة الحزم" بمشاركة تحالف مكون من 10 دول بقيادة السعودية، هدفها صد الحوثيين الذين بسطوا سيطرتهم على أغلب المناطق في اليمن. وبدأت طائرات الF16 بقذف حممها على صنعأ، وفي غضون دقائق سقطت منضومة الدفاع الجوية اليمنية، وسيطرة صقور عاصفة الحزم على جميع الأجواء اليمينة.
دب روح الأمل في نفوس الجنوبين للمواجهة والدفاع عن الجنوب وعدن، تدخلت دول التحالف في اللحضات الأخيرة قبل أن يتمم الحوثيين سيطرتهم على ماتبقى من محافظة عدن، تغيرت الموازين العسكرية مع السيطرة التامة لطائرات عاصفة الحزم على السماء اليمنية، وبدأت النواة الأولى للمقاومة الجنوبية تتشكل.

أخذت المعركة منحنى آخر مع كثافة ضربات طائرات عاصفة الحزم على تعزيزات الحوثيين وأرتالهم العسكرية، واستطاعت المقاومة الجنوبية وقف الزحف للقوات الحوثية التي تصبو للسيطرة التامة على عدن.
استمرت المقاومة بالدفاع خلال الأشهر الأولى من عاصفة الحزم، لكنها مع تكثيف القوات الحوثية لهجماتها بدأت تتراجع نوعاً ماء، سيطر الحوثيين على مديرية التواهي، وبدت رقعة الأرض التي تسيطر عليها المقاومة تتلاشى، لم يراع الحوثيين أي وازع ديني أو أخلاقي خلال حربهم في عدن، قُصفت المدن المدنية، وسقط على أثرها العشرات من المدنيين الأبرياء، استهدفت مصفاة عدن النفطية، وبدأت الدائرة تضيق بالمدنيين داخل عدن، وأصبحت عدن جحيماً لمن تبقى فيها ولم ينزح.
كانت أوامر عمليات عاصفة الحزم للمقاومة بالدفاع فقط وعدم مهاجمة العدو.

أتذكر وقتها أنه: سقطت قذيفة حوثية في حارتنا بمدينة الشعب سقط على أثرها ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى، قال أحدهم بصريح العبارة عندما حضر وقت سقوط القذيفة: "أنه لابد من ترديد الصرخة الحوثية والتسليم بالأمر الواقع، مع تخاذل التحالف عن حسم المعركة، حد وصفه".
حالة جديدة من اليأس والاحباط أصابت الناس والمقاومين في عدن، مع منع التحالف للمقاومة من التقدم والاكتفاء بالدفاع، والذي كان دفاع متراجع، كل يوم تخسر المقاومة موقع أو منطقة جديدة.

في يوليو 2015 انطلقت المعركة البرية للمقاومة باسناد بري وجوي من التحالف العربي والتي سميت "بـ السيف الذهبي"، لقد كانت بمثابة عصأ موسى، التي شقّت بحر من اليأس والاحباط التي أصابت الناس والمقاومين في عدن، انطلقت من خلالها طلائع القوات الجنوبية المسنودة بالتحالف العربي لتحرير عدن والمحافظات المجاورة لها.
خلال أسابع استطاعت القوات تحرير عدن ولحج وأبين.

بعد الأشهر الأولى من التحرير دخلت عدن والمحافظات الأخرى المحررة فصل جديد من الفوضى الأمنية، بدأت المجموعات الإرهابية بالبروز والضهور في عدن، وزادت رقعة العمليات الإرهابية، وأزدادت شدتها.
كانت عدن على أبواب إعلانها إمارة داعشية، ودخلت حالة ثالثة من اليأس والاحباط في قلوب المواطنيين في عدن.
ليتدخل التحالف العربي للمرة الثالثة بالوقت الحرج لإنقاذ الموقف، والدخول بمعركة جديدة مع الإرهاب، استطاع التحالف العربي بتر يد الإرهاب عن عدن والجنوب، لتعود الحياة لطبيعتها.

يقف اليمن اليوم على أعتاب المجاعة، انهارت العملة والإقتصاد، وانهارت معها آمال وتطلعات اليمنيين.
أوصلت منضومة الشرعية الفاسدة اليمن إلى حافة الهاوية والإنهيار، وبدأت دائرة السخط والامتعاض الشعبي تتوسع جنوباً، مع محاولة القوى المتربصة بعاصفة الحزم ركوب موجات الغضب الشعبي.
كعادة التحالف العربي منذ الوهلة الأولى بالتعامل مع ملفات عاصفة الحزم، يتعامل باسترايجية النفس الطويل دائماً، فالتحالف لديه حساباته، التي نجهلها ولا نستوعبها.
رسالة أخيره:
ثقو بأن القادم أفضل بإذن الله، فمن تدخل في أحلك الضروف لإنقاذ الشعب اليمني من بطش الحوثي ودواعش الإرهاب، لن يتوانى عن وضع حد لشرعية هاربة هزيلة وضعيفة.